و رأى كثير من الناس، ان الشمم الهاشمي الذي اعتاد ان يكون دائما في الشواهق، كان اليق بموقف الحسين عليه السلام، منه بموقف الحسن عليه السلام.
و هذه هي النظرة البدائية التي تفقد العمق و لا تستوعب الدقة.
فما كان الحسن في سائر مواقفه، الاّ الهاشمي الشامخ المجد، الذي واكب في مجادته مثل أبيه و أخيه معا، فاذا هم جميعا امثولة المصلحين المبدئيين في التاريخ. و لكل-بعد ذلك-جهاده، و رسالته، و مواقفه التي يستمليها من صميم ظروفه القائمة بين يديه، و كلها الصور البكر في الجهاد، و في المجد، و في الانتصار للحق المهتضم المغصوب.
*** و كان احتساء الموت-قتلا-في ظرف الحسين، و الاحتفاظ بالحياة -صلحا-في ظرف الحسن، بما مهدا به-عن طريق هاتين الوسيلتين- لضمان حياة المبدأ، و للبرهنة على ادانة الخصوم، هو الحل المنطقي الذي لا معدى عنه، لمشاكل كل من الظرفين، و هو الوسيلة الفضلى الى اللّه تعالى، و ان لم يكن الوسيلة الى الدنيا. و هو الظفر الحقيقي المتدرج مع التاريخ و ان كان فيه الحرمان حالا، و خسارة السلطان ظاهرا.
و كانت التضحيتان: تضحية الحسين بالنفس، و تضحية الحسن بالسلطان، هما قصارى ما يسمو إليه الزعماء المبدئيون في مواقفهم الانسانية المجاهدة.
و كانت عوامل الزمن التي صاحبت كلا من الحسن و الحسين في زعامته، هي التي خلقت لكل منهما ظرفا من أصدقائه، و ظرفا من أعدائه،