و بقي بين فجوات هذه الاحداث خلاء ملحوظ في التاريخ، لم تملأه المصادر التي بين أيدينا بالعروض التي تناسب تلك الاحداث.
رأينا-الى هنا-مبلغ وفاء معاوية بما أخذه على نفسه من شروط.
و علمنا-الى هنا-ان المعاهدة بأبوابها الخمس، لم تلق من الرجل أية رعاية تناسب تلك العهود و المواثيق و الايمان التي قطعها على نفسه. فلا هو حين تسلم الحكم عمل على كتاب اللّه و سنة نبيه و سيرة الخلفاء الصالحين.
و لا ترك الامر من بعده للشورى، أو لصاحب الحق فيه. و لا أقلع عن شتم علي عليه السلام. و لكنه زاد حتى ملأ منابر الاسلام سبابا و شتما. و لا و فى بخراج. و لا سلم من غوائله شيعة علي و أصحابه. و لكنه-و بالرغم من كل هذه الشروط و العهود-طالعهم بالاوليات البكر و الافاعيل النكر من بوائقه:
فكان أول رأس يطاف به في الاسلام منهم، و بأمره يطاف به.
و كان أول انسان يدفن حيا في الاسلام منهم، و بأمره يفعل به ذلك.
و كانت اول امرأة تسجن في الاسلام منهم، و هو الآمر بسجنها.
و كان أول شهداء يقتلون صبرا في الاسلام منهم، و هو الذي قتلهم.
و استقصى معاوية بنود المعاهدة كلها بالخلف!!.
فاستقصى أيمانه المغلظة بالحنث، و مواثيقه المؤكدة التي واثق اللّه تعالى عليها بالنقض!!..