و نظر قبيصة بن ربيعة-أحد اصحاب حجر-فاذا هو يمر على داره في جبانة «عرزم» ، و اذا بناته مشرفات يبكينه، فكلمهن و وعظهن بما سنأتي على ذكره عند ترجمته، ثم انصرف.
و انشأت ابنة حجر في احدى لياليها السود و قد قطع الخوف على أبيها نياط قلبها و هي تخاطب القمر-و قيل بل الابيات لهند بنت زيد الانصارية ترني حجرا:
ترفع أيها القمر المنير # لعلك أن ترى حجرا يسير
يسير الى معاوية بن حرب # ليقتله كما زعم الامير
و يصلبه على بابي دمشق # و تأكل من محاسنه النسور
تجبرت الجبابر بعد حجر # و طاب لها الخورنق و السدير
و أصبحت البلاد له محولا # كأن لم يحيها مزن مطير
ألا يا حجر حجر بني عدي # تلقتك السلامة و السرور
أخاف عليك ما أردى عليا # و شيخا في دمشق له زئير
فان تهلك فكل عميد قوم # من الدنيا الى هلك يصير
***
مقتله:
و صاروا بهم الى عذراء، و كانت قرية على اثنى عشر ميلا من دمشق، فحبسوا هناك، و دار البريد بين معاوية و زياد، فما زادهم التأخير الاّ عذابا. و جاءهم أعور معاوية في رهط من أصحابه يحملون أمره بقتلهم و معهم اكفانهم فقال لحجر: «انّ امير المؤمنين أمرني بقتلك يا رأس الضلال!!.. و معدن الكفر و الطغيان!!.. و المتولي لابي تراب، و قتل أصحابك الاّ أن ترجعوا عن كفركم، و تلعنوا صاحبكم و تتبرءوا منه» - فقال حجر و أصحابه: «ان الصبر على حد السيف لأيسر علينا مما تدعوننا