قال ابن الاثير «ان معاوية كان اذا قنت سبّ عليا و ابن عباس و الحسن و الحسين و الاشتر [1] » . و نقل أبو عثمان الجاحظ في كتاب[الرد على الامامية]:
«ان معاوية كان يقول في آخر خطبته: اللهم ان أبا تراب-يعني عليا- الحد في دينك، و صدّ عن سبيلك، فالعنه لعنا وبيلا و عذبه عذابا أليما.
و كتب بذلك الى الآفاق، فكانت هذه الكلمات يشاد بها على المنابر [2] » .
و قيل لمروان: «ما لكم تسبونه على المنابر؟» فقال: «لا يستقيم لنا الامر الاّ بذلك!!» ..
و كان من مجهود معاوية في هذا السبيل ما طفحت به السير و التواريخ.
و هو-على هذا-أول من سن الجهر بسب صحابة الرسول؛ و أول من فتح هذا الباب على مصراعيه لمن جاء من بعده، و لا نعرف أن أحدا سبقه الى مثل هذا اللهم الاّ ما كان من عائشة يوم قالت: «اقتلوا نعثلا فقد كفر!!» ، ثم لا نعهد في علماء المسلمين من حكم على عائشة بالكفر، و لا على معاوية بالمروق من الدين، لانهما استباحا سبّ الصحابة، أو لانهما أوغلا في السب حتى عمدا الى التكفير. و مما لا شك فيه أن حكم الامثال واحد لا يختلف مع الزمان، و لذلك، فانا لا نجد مساغا الى الحكم على من نال من معاوية أو نال من صحابي آخر، الا بما حكم به علماء المسلمين على معاوية و عائشة في نيلهما من علي و عثمان، لا أقل و لا أكثر.
و أما الاثر المزعوم القائل «بأيهم اقتديتم اهتديتم» ، فقد خصّ حتى سقط عمومه عن الحجية، و الاّ لكان السبابون للصحابة من الصحابة أولى