نصارى نجران، و أحد الخمسة (أصحاب الكساء) ، و أحد الاثنى عشر الذين فرض اللّه طاعتهم على العباد، و هو أحد المطهرين من الرجس في الكتاب، و أحد الذين جعل اللّه مودتهم أجرا للرسالة، و جعلهم رسول اللّه أحد الثقلين اللذين لا يضل من تمسك بهما. و هو ريحانة رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و حبيبه الذي يحبه و يدعو اللّه أن يحب من أحبه.
و له من المناقب ما يطول بيانه، ثم لا يحيط به البيان و ان طال.
و بويع بالخلافة بعد وفاة أبيه عليهما السلام، فقام بالامر-على قصر عهده-أحسن قيام، و صالح معاوية في الخامس عشر من شهر جمادى الاولى سنة 41-على أصح الروايات-فحفظ الدين، و حقن دماء المؤمنين، و جرى في ذلك وفق التعاليم الخاصة التي رواها عن ابيه عن جده صلّى اللّه عليهما. فكانت خلافته «الظاهرة» سبعة اشهر و اربعة و عشرين يوما.
و رجع بعد توقيع الصلح الى المدينة، فاقام فيها، و بيته حرمها الثاني لاهلها و لزائريها.
و الحسن من هذين الحرمين، مشرق الهداية، و معقل العلم و موئل المسلمين. و من حوله الطوائف التي نفرت من كل فرقة لتتفقه في الدين و لتنذر قومها اذا رجعت إليهم. فكانوا تلامذته و حملة العلم و الرواية عنه.
و كان بما أتاح اللّه له من العلم، و بما مكّن له في قلوب المسلمين من المقام الرفيع، أقدر انسان على توجيه الامة و قيادتها الروحية، و تصحيح العقيدة، و توحيد أهل التوحيد.
و كان اذا صلّى الغداة في مسجد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جلس في مجلسه، يذكر اللّه حتى ترتفع الشمس، و يجلس إليه من يجلس من سادات الناس يحدثهم. قال ابن الصباغ (الفصول المهمة ص 159) :
«و يجتمع الناس حوله، فيتكلم بما يشفي غليل السائلين و يقطع حجج المجادلين» .