responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : صلح الحسن المؤلف : الشيخ راضي آل ياسين    الجزء : 1  صفحة : 284

و كان طبيعيا أن يتفق الفريقان بعد توقيعهما الصلح، على مكان يلتقيان فيه على سلام، ليكون اجتماعهما في مكان واحد تطبيقا عمليا للصلح الذي يشهده التاريخ، و ليعترف كل منهما على مسمع من الناس بما أعطى صاحبه من نفسه و بما يلتزم له من الوفاء بعهوده. و اختارا الكوفة، فأقفلا إليها، و أقفل معهما سيول من الناس غصت بهم العاصمة الكبرى، و هم-على الاكثر-أجناد الفريقين، تركوا معسكريهما و خفوا لليوم التاريخي الذي كتب على طالع الكوفة النحس أن تشهده راغمة أو راغبة. و للمرة الاولى تزخر عاصمة العراق بعشرات الالوف من أجناد الشام الحمر-مسلمين و مسيحيين-. و لهذين المعسكرين-الكوفة و الشام-سوابقهما التي لا تعهد الهوادة في سلسلة العداوات التاريخية و الوقائع الدامية، منذ حوادث سلمان الباهلي و حبيب بن مسلمة الفهري (على عهد عثمان بن عفان) و الى يوم الصلح هذا. فما ظنك يومئذ بحال الجندي الكوفي الثابت على الوفاء، الذي قدّر له ان يلقي سلاحه تحت موجة طاغية من مكاء الجنود الشاميين و تصديتهم التي عجت بها أروقة المسجد الجامع، الذي كان أسس على تقوى من اللّه.

و كانت الفجيعة القاتلة للفئة المخلصة من أنصار أهل البيت عليهم السلام، و للذين جهلوا من هؤلاء الانصار أهداف الحسن في الصلح، أو جهلوا حقيقة الوضع بدوافعه التي اقتادت الحسن الى الصلح. أما الاكثرية الخائنة فقد مزقت الستار في يومها المنشود، و ظهرت على المسرح باللون الذي لا تشتبه فيه الابصار، و شوهد بين جماهير الشاميين زمر من الكوفيين يساهمونهم الفرح المغبون في مهرجاناتهم الباردة، و انتصارهم‌

اسم الکتاب : صلح الحسن المؤلف : الشيخ راضي آل ياسين    الجزء : 1  صفحة : 284
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست