أمير المؤمنين علي عليه السلام، سواء حضر الحسن أو غاب. و لا يؤخذ بما ألحقه بها بعض المؤرخين من اشتراط الامتناع عن السب بحال حضور الحسن و استماعه [1] ، و لا هو مما يتمشى مع روح الصلح اذا كان الفريقان في صدد صلح حقيقي و تفاهم دائم.
و أما المادة الرابعة، فلم تكن في حقيقتها الاّ استثناء متصلا من الماديات التي اشترطت المعاهدة تسليمها لمعاوية. و معنى ذلك أن المعاهدة سلمت لمعاوية ما أراد من الملك عدا المبالغ المنوّه عنها في هذه المادة، فاستأثر الحسن بها لنفسه و لاخيه و لشيعته، و كانت من حقوقه التي جعل له اللّه تعالى التصرف فيها. و اختار من الخراج الحلال-فيما استثنى-أبعده عن الشبهات من الوجهة الشرعية، و هو خراج دارابجرد [2] .
اقول
و أين هذا التفسير مما تطاول به بعضهم من التحامل الجرىء و الافتئات البذيء، على مقام الامام الحسن بن علي عليهما السلام، حين أساء فهم هذه المادة فخلق من هذه الاموال ثمنا للخلافة و من الحسن بائعا و من معاوية مشتريا. و كان الاولى بهذا الفهم البليد-الذي هان عليه أن يتصور الثمن و المثمن كليهما من البائع، ثم يدعي مع ذلك وقوع البيع-ان لا يتعرض فيما يكتب للموضوعات التي تكشف لقارئه بلادته، فيسيء الى نفسه قبل أن يسىء الى موضوعه.
[1] قاله ابن الاثير (ج 3 ص 162) ، و قال بعده: «ثم لم يف به أيضا!!» .
[2] قال في الكامل (ج 3 ص 162) : «و أما خراج دارابجرد فان أهل البصرة منعوه، و قالوا هو فيئنا لا نعطيه احدا» . قال: «و كان منعهم بأمر معاوية أيضا!!» .