و بديهيّ أيضا، أنه لم يكن ليفوته ما لا يفوتنا من رأي، و لا يخطئه ما لا يخطئنا من تدبير. و لقد برهنت سائر مراحله على أنه الرجل الحصيف الذي غالب مشاكله كلها ثم اختار لها أفضل الحلول في حربه و سلمه و مع مراحل جهاده و معاهدات صلحه، و في عاصمة ملكه «الكوفة» و عاصمة امامته «المدينة» .
ترى، أ فكان من جنون هذه اللحظات في المدائن، مجال للموت الذي يصنع الحياة؟أم هو المجال الذي لا يصنع الاّ الموت في الموت أبديا، و هو ما يجب أن تربأ عنه النفوس الكريمة التي لا تموت الاّ لتحيي بعدها سنة أو تنقذ أمة.
فأين امكان الشهادة للحسن يا ترى؟..
*** و لقد يحز في النفس حتى ليضيق محب الحسن ذرعا بما يترسمه في ذهنه من معالم الخطوب السود، التي كانت تتدفق بطوفانها الرهيب على هذا الامام الممتحن في أحرج ساعاته و أدق لحظاته.
ربما يكون للذهن قابلية التصور أو قابلية الهضم للحوادث التي ترجع الى مصادرها الاعتيادية في الناس، من العداء الشخصي، أو النزاع القبلى، أو الخلاف النظري-كعداء معاوية للحسن، أو خصومة بني أمية للهاشميين، أو خلاف الخوارج على عليّ و أولاده (ع) -. أما الحوادث التي لا مرجع لها الاّ الطمع الدنيء فانه من آلم ما يتصوره الانسان من شذوذ الناس.
أ فتظن ان من الممكن لشيعي يعتقد امامة الحسن كما يعتقد نبوة النبي، و يعيش في نعمة الحسن كما يعيش في نعمة أبيه، ثم تحدثه نفسه بالخيانة العظمى في أحرج اللحظات التي تمر بامامه و ولي نعمته، و أحوجها الى الاخلاص الصحيح من شيعته؟.
أجل، انها للمؤامرة الدنيئة التي كانت من صميم الوافع الذي دار