و لعلنا لم نأت الى الآن، بشيء ينقع الغليل، أو يقنع كدليل فيما يرجع الى فهم السرّ الذي تجافى به الحسن عليه السلام، عن الشهادة قتلا و نزل منه الى قبول الصلح عمليا. و هنا نقطة التركز في قضية الحسن منذ حيكت من حولها الاقاويل الكثر، و النقدات النكر. و ليس في ما تتناوله بحوثنا في غضون هذه الدراسة الواسعة الخطوات، موضوع أجدر بالعناية و بالكشف و بالتحقيق من هذا الموضوع، بماله من الاهمية الذاتية القائمة بنفسه، و بما هو «سر الموقف» الذي لم يوفق لازاحة الستار عنه أحد في التاريخ-مدى ثلاثة عشر قرنا و نيفا-!.
و لكي نكون اكثر توفرا على الاخذ باسباب الغرض الذي نهدف إليه من هذا البحث، نبدأ اولا بنقل تصريحات اشهر المؤرخين في الموضوع، ثم نعود-بعد ذلك-الى غربلتنا الدقيقة للظرف القائم ساعة تسليم الحسن، و الى نتائجنا من البحث.
اليعقوبي في تاريخه:
«و كان معاوية يدس الى عسكر الحسن من يتحدث أن قيس بن سعد قد صالح معاوية و صار معه، و وجه الى عسكر قيس-بعد هزيمة عبيد اللّه ابن عباس و من معه-من يتحدث أن الحسن قد صالح معاوية و أجابه، و وجه معاوية الى الحسن المغيرة بن شعبة و عبد اللّه بن كريز و عبد الرّحمن ابن أم الحكم و أتوه و هو بالمدائن، نازل في مضاربه، ثم خرجوا من عنده و هم يقولون و يسمعون الناس: انّ اللّه