غلب الناس بامامته، و بوجوب مودته، و ببنوته من رسول اللّه (ص) .
و نكب من الناس بأنصاره، و بأعدائه، و بزوجه.
و خصّ بين الناس-كما قلنا-بالنوع الممتاز من جهاده، و النوع العظيم من صبره، و النوع الفريد من تضحيته.
و لكي نتوفر على فهم هذه المواهب الثلاث على الاخص، كخصائص حسنية لها مميزاتها التي لا تقبل الجدال، نقول:
1-أما جهاده
فقد كان أروع الجهاد، و آلمه للنفس، و أوسعه ميدانا و أطوله عناء.
انه جاهد في سبيل اللّه و لكن في ميادين كثيرة، لا في ميدان واحد:
جاهد عدوه بما زحف الى لقائه، و بما جوبه به من فتنه و أسوائه، و جاهد أصحابه و جنوده بما حاول من استصلاحهم بمختلف الاساليب، فأعيته الاساليب كلها، و جاهد نفسه بما ضبط من عواطفها، و بما كبت من طموحها، و بما ردّ من سلطانها، و لا نعرف في زعماء البشرية انسانا تمكن من نفسه و من أعصابه و من عواطفه كما تمكن منها الحسن في مواقفه التي مرّ عليها، و جاهد شيعته المخلصين في تشيّعهم له، بما تحمل من عتابهم الجريء على قبوله الصلح، فوقف منهم موقفه الذي دلّ بذاته، على خصائصه الملكية الممتازة التي لا تفارق الامام «المعصوم» ، بما ملك من حفيظته، و بما ربط من جأشه، و بما قابلهم به من هدوء الطبيعة، و ميوعة اللهجة و طول الاناة.
و أجاب كلا على عتابه أوضح جواب، و أقربه الى صواب، و كشف له عن أهدافه فيما أتاه، بما استأصل به شأفة عتابه، فاذا المخاطب مأخوذ ببراعة الحجة و روعة الغرض و أصالة الرأى، يستذكر بمواقف امامه مواقف الأنبياء، و يتسقط من أخباره مساقط الوحي، فاذا هو هي.
و إليك هنا نموذجا واحدا مما قاله له أحدهم و مما أجابه به، قال: