و انصرف الى التفكير، فما كان ليغيب عنه ما يهدد موقفه من عبء، بعضه فجيعة. و بعضه هوان، و بعضه موت لا يشبه موت العظماء.
و لم تكن الحيرة عنده بالغة الغور، و لكنها كانت بالغة الاسى مشبوبة الاحاسيس، تخزه و خز الشوك الملتهب، و تستفزّه بالحاح الى اختراع المخرج الذي لا يساوره الهوان، و لا يخضع للفجيعة، و لا هو من الموت المغتصب، الذي تربأ عن مطارحته الذكريات الكريمة.
و كل ما كانت تحتفل به اللحظة القائمة بين يديه، هو اللجاجة اللاغبة، و الشائعات الكاذبة، و الاندفاع في تيار الفوضى الرهيب.
و الحسن بين هذه الهزاهز، الجبل الذي لا تزعزعه العواصف، و الامام البر الذي لا يغيظه جهل الجاهلين عليه، و لا يحفظه سخط الناقمين منه، و وقف غير عابئ بما يدور حوله، و لكن ليستقرئ الخطط فيضع خطته، و ليستعرض الآراء فيبت برأيه.
و ليس بمقدورنا الآن ان نقرأ-بتفصيل-الافكار التي كانت تحت سيطرته ساعة اذ، أو كان هو تحت سيطرتها، و لكنها-بالاجمال- لم تكن لتعدو «ما يريده اللّه و ما يؤثر عن رسول اللّه و ما يجب لصيانة المبدأ» .
أما ما يقوله الناس، فلم يكن مما يعنيه كثيرا.
و لنتذكر دائما، انه الامام الروحي، الذي لا يريد الحياة بين الناس الاّ بمقدار ما تكون الحياة بذلة في سبيل اللّه، و وسيلة للنفع العام و مثلا يحتذى في الاصلاح و نشر الاحسان. فما قيمة ما يقول الناس الى