ان النبي نفسه صلّى اللّه عليه و آله، و أمير المؤمنين أيضا، منيا في بعض وقائعهما بمثل هذا الجيش، و لا يؤثر عنهما انهما منعا قبول أمثال هؤلاء الجنود في صفوفهما، و لا طردا أحدا منهم بعد قبوله، مع العلم بأن كلا منهما، جنى بعد ذلك أضرار وجود هذه العناصر في كل من ميدانيهما.
فقالت السير عن واقعة حنين ما لفظه بحرفه: «رأى بعض المسلمين كثرة جيشهم فأعجبتهم كثرتهم، و قالوا سوف لا نغلب من قلة، و لكن جيش المسلمين كان خليطا، و بينهم الكثيرون ممن جاء للغنيمة.. » .
و جاء في حوادث اقفال المسلمين من غزوة بني المصطلق ما يشعر بمثل ذلك.
و قالوا عن حروب علي عليه السلام: «كان جند علي في صفين خليطا من امم و قبائل شتى، و هو جند مشاكس معاكس لا يرضخ لامر و لا يعمل بنصيحة.. » .
و قال معاوية-فيما يحكيه البيهقي في «المحاسن و المساوئ» : «و كان -يعني عليا عليه السلام-في أخبث جيش و أشدهم خلافا، و كنت في أطوع جند و أقلهم خلافا» .
اقول: و ما على الحسن الاّ أن يسير بسنة جده و بسيرة أبيه، و من الحيف أن يطالب بأكثر مما اتى به جده و أبوه، و كفى بهما اسوة حسنة و قدوة صالحة.
و كان التحرّج في الدين و الالتزام بحرفية الاسلام يقيدان الحسن في كل حركة و سكون، و لكنهما لا يقيدان خصومه فيما يفعلون أو يتركون، و لو لا ذلك لرأيت تاريخ هذه الحقبة من الزمن تكتب على غير ما تقرأه اليوم.
و ثالثا:
فان معالجة الوضع بما يرجع إليه رؤساء الجيوش في تنقية جيوشهم