ما روي في الموضوع، و ان لهذه الرواية من التناسق في حوادثها المتكرّرة ما يفرض الشك بها فرضا.
و هي تغفل عند عرضها الحوادث المتشابهة تسمية كل من القائدين -الكندي و المرادي-اللذين تفرض أنهما سبقا عبيد اللّه بن عباس الى لقاء معاوية و سبقاه الى الخيانة أيضا. و لا يعهد في تاريخ قضية من هذا الوزن، اغفال تسمية قائدين في حادثتين من أبشع حوادث الانسان في التاريخ.
و لعل الاغرب من ذلك، ان رواية البحار هذه تشير الى اصرار الامام على اتهام القائدين قبل بعثهما، ثم تصرّ على ان الامام بعثهما-مع ذلك- الى لقاء معاوية عالما بما سيصيران إليه من غدر!!.
و بعض هذا يكفينا عن الاستمرار في نقاش هذه الرواية التي يجب أن نتركها لتعلن هي عن نفسها.
***
اقول:
و لم نحصل-بعد هذا كله-على محصل في الموضوع الذي أردناه تحت عنوان «عدد الجيش» و لتكن هذه النصوص-على كثرتها-أحد أمثلتنا التي نقدّمها للقارئ عما نكبت به قضية الحسن في التاريخ، من اختلاف كثير و اختلاق صريح، و لا بدع في تقرير هذه الحقيقة و تكرارها و تعظيم خطرها و انكارها و التنبيه الى تبعاتها. فهذه ثمانية نصوص، ليس فيها ما يصبر على النقاش، و لا ما يصح الاعتماد عليه كسند تاريخي.
و لم يبق لدينا الاّ عدد جيش المقدمة، و هو اثنا عشر الفا، و عدد المتطوعين بعد ذلك في الكوفة، و هو اربعة آلاف، ثم الفصائل التي تواردت على الحسن في دير عبد الرّحمن حين اقام بإزائه ثلاثا-كما اشير إليه آنفا- فهذه قرابة عشرين الفا، هي جيش الحسن عند زحفه الى معسكريه في مسكن و المدائن.
اما مقاتلة المدائن نفسها، فقد عرفنا انها لم تتخلف-فيما سبق-عن