اسم الکتاب : ترجمة الإمام الحسين المؤلف : ابن عديم الجزء : 1 صفحة : 194
و أصحابه حتّى ابرد و كان يوم قائظ شديد حرّه.
فلمّا قام من رقدته دعا بماء، فغسل يديه فانقاهما ثمّ مضمض فاه، و مجه إلى عوسجة كانت إلى جنب خالته ثلاث مرّات، و استنشق و استنثر ثلاثا ثلاثا إلى أن قالت: ثمّ مسح رأسه ما أقبل منه و أدبر مرّة واحدة، ثمّ غسل رجليه ظاهرهما و باطنهما، و اللّه ما عاينت أحدا فعل ذلك قبله، و قال: «إنّ لهذه العوسجة لشأنا»!
ثمّ فعل ذلك من كان معه من أصحابه مثل ذلك، ثمّ قام فصلّى ركعتين، فعجبت و فتيات الحي من ذلك، و ما كان عهدنا بالصلاة و لا رأينا مصلّيا قبله!
فلمّا كان من الغد أصبحنا و قد علت العوسجة حتى صارت كأعظم دوحة عادية قامتها [89] و خضد اللّه شوكها، و ساحت عروقها، و كثرت أفنانها، و اخضرت ساقها و ورقها، و اثمرت بعد ذلك و اينعت بثمر كأعظم ما يكون من الكمأة في لون الورس المسحوق، و رائحة العنبر و طعم الشهد،
و اللّه ما أكل منه- يعني جائع- إلّا شبع، و لا ظمآن إلّا روي، و لا سقيم إلّا برئ، و لا ذو حاجة و فاقة إلّا استغنى، و لا أكل من ورقها ناقة و لا شاة إلّا درّ لبنها، و رأينا النماء و البركة في أموالنا منذ يوم نزل بنا، و اخصبت بلادنا و امرعت!
فكنّا نسمّي تلك الشجرة «المباركة»، و كان ينتابنا من حولنا من أهل البوادي يستشفون بها، و يتزوّدون في الأسفار، و يحملون معهم في الأرضين القفار، فتقوم لهم مقام الطعام و الشراب،
- و كانت امرأة برزة جلدة تحتبي بفناء القبة، ثمّ تسقي و تطعم، و كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلّم) قد خرج من الغار ليلة الاثنين في السحر، و قال يوم الثلاثاء بقديد. و حلب الرسول (صلّى اللّه عليه و سلّم) شاة لها فشربوا من لبنها و ذبحت لهم و طحنت لهم فأكلوا. و قدمت أم معبد بعد ذلك إلى المدينة فأسلمت، و كانت فصيحة بليغة.
انظر طبقات ابن سعد: 8/ 211، و الاصابة: 8/ 281، و الاستيعاب: 1958.
و قديد- بالتصغير- موضع قريب من مكة على طريق المدينة كان ينزل فيه قوم من بني خزاعة.
نقلا من كلام المحقق الدكتور سليم النعيمي في هامش ربيع الأبرار.
اسم الکتاب : ترجمة الإمام الحسين المؤلف : ابن عديم الجزء : 1 صفحة : 194