و لم يقدر أحد منهم أن يدنو منه فإن ابنته تقول له أتاك القوم من جهة كذا و لما أحاطوا به صاحت وا ذلاه يحاط بأبي و ليس له ناصر يستعين به و هو يدور بسيفه و يقول:
أقسم لو يفسح لي عن بصري # ضاق عليكم موردي و مصدري
و بعد أن تكاثروا عليه أخذوه و أتوا به إلى ابن زياد فقال له الحمد للّه الذي أخزاك.
قال ابن عفيف و بما ذا أخزاني؟
و اللّه لو فرج لي عن بصري # ضاق عليكم موردي و مصدري
قال ابن زياد يا عدو اللّه ما تقول في عثمان.
فشتمه ابن عفيف و قال ما أنت و عثمان أساء أم أصلح أم أفسد و إن اللّه تبارك و تعالى وليّ خلقه يقضي بينهم و بين عثمان بالعدل و الحق و لكن سلني عن أبيك و عنك و عن يزيد و أبيه.
فقال ابن زياد لا سألتك عن شيء و لتذوق الموت غصة بعد غصة.
قال ابن عفيف: الحمد للّه ربّ العالمين أما إني كنت أسأل ربي أن يرزقني الشهادة من قبل أن تلدك أمك و سألت اللّه أن يجعلها على يدي ألعن خلقه و أبغضهم إليه و لما كف بصري يئست من الشهادة أما الآن و الحمد للّه الذي رزقنيها بعد اليأس منه و عرفني الإجابة في قديم دعائي فأمر ابن زياد بضرب عنقه و صلبه في السبخة [1] .
و دعا ابن زياد بجندب بن عبد اللّه الأزدي و كان شيخا كبيرا فقال له: يا عدو اللّه ألست صاحب أبي تراب في صفين؟قال: نعم و إني لأحبه و أفتخر به و أمقتك
[1] مثير الأحزان لابن نما الحلي 50 و اللهوف لابن طاووس ص 92 و مقتل الخوارزمي ج 2 ص 53 و اختصر قصته في تاريخ الطبري ج 6 ص 263 و المحبر لابن حبيب ص 480 و الإرشاد للشيخ المفيد و الكل اتفقوا على صلبه في الكناسة و ذكره الإربلي في كشف الغمة ص 116.