ثوى اليوم أحماها عن الضيم جانبا # و أصدقها عند الحفيظة مخبرا
و أطعمها للوحش من جثث العدى # و أخضبها للطير ظفرا و منسرا
قضى بعد ما رد السيوف على القنا # و مرهفة فيها و في الموت أثّرا
و مات كريم العهد عند شبا القنا # يواريه منها ما عليه تكسرا
فان يمس مغبر الجبين فطالما # ضحى الحرب في وجه الكتيبة غبرا
و إن يقض ظمآنا تفطر قلبه # فقد راع قلب الموت حتى تفطرا
و ألحقها شعواء تشقى بها العدى # و لود المنايا ترضع الحتف ممقرا
فظاهر فيها بين درعين نثرة # و صبر، و درع الصبر أقواهما عرى
سطا و هو أحمى من يصون كريمة # و أشجع من يقتاد للحرب عسكرا
فرافده في حومة الضرب مرهف # على قلة الأنصار فيه تكثرا
تعثر حتى مات في الهام حده # و قائمه في كفه ما تعثرا
كأن أخاه السيف أعطي صبره # فلم يبرح الهيجاء حتى تكسرا
له اللّه مفطورا من الصبر قلبه # و لو كان من صم الصفا لتفطرا
و منعطف أهوى لتقبيل طفله # فقبّل منه قبله السهم منحرا
لقد ولدا في ساعة هو و الردى # و من قبله في نحره السهم كبّرا
و في السبي مما يصطفي الخدر نسوة # يعز على فتيانها أن تسيّرا
حمت خدرها تقضي وودت بنومها # ترد عليها جفنها لا على الكرى
مشى الدهر يوم الطف أعمى فلم يدع # عمادا لها إلاّ و فيه تعثّرا
و جشمها المسرى ببيداء قفرة # و لم تدر قبل الطف ما البيد و السرى
و لم تر حتى عينها ظل شخصها # إلى أن بدت في الغاضرية حسّرا [1]
[1] للسيد حيدر الحلي نور اللّه ضريحه.