أما بعد يا أهل الكوفة، يا أهل المكر و الغدر و الخيلاء، فإنّا أهل بيت ابتلانا اللّه بكم، و ابتلاكم بنا. فجعل بلاءنا حسنا، و جعل علمه عندنا و فهمه لدينا، فنحن عيبة علمه، و وعاء فهمه و حكمته، و حجته على الأرض في بلاده لعباده، أكرمنا اللّه بكرامته، و فضلنا بنبيه محمد صلى اللّه عليه و آله و سلم على كثير ممن خلق اللّه تفضيلا.
فكذبتمونا و كفرتمونا، و رأيتم قتالنا حلالا، و أموالنا نهبا، كأننا أولاد ترك أو كابل كما قتلتم جدنا بالأمس، و سيوفكم تقطر من دمائنا أهل البيت لحقد متقدم، قرت لذلك عيونكم، و فرحت قلوبكم افتراء على اللّه و مكرا مكرتم، و اللّه خير الماكرين، فلا تدعونكم أنفسكم إلى الجدل بما أصبتم من دمائنا، و نالت أيديكم من أموالنا، فإن ما أصابنا من المصائب الجليلة، و الرزايا العظيمة في كتاب من قبل أن نبرأها، إن ذلك على اللّه يسير، لكيلا تأسوا على ما فاتكم و لا تفرحوا بما آتاكم، و اللّه لا يحب كل مختال فخور.
تبا لكم فانظروا اللعنة و العذاب. فكأن قد حل بكم و تواترت من السماء نقمات، فيسحتكم بعذاب و يذيق بعضكم بأس بعض ثم تخلدون في العذاب الأليم، يوم القيامة بما ظلمتمونا، ألا لعنة اللّه على الظالمين.
ويلكم. أتدرون أية يد طاعنتنا منكم. و أية نفس نزعت إلى قتالنا، أم بأية رجل مشيتم إلينا، تبغون محاربتنا، قست قلوبكم و غلظت أكبادكم، و طبع اللّه على أفئدتكم، و ختم على سمعكم و بصركم و سوّل لكم الشيطان و أملى لكم، و جعل على بصركم غشاوة فأنتم لا تهتدون.
تبا لكم يا أهل الكوفة، أي ترات لرسول اللّه قبلكم. و ذحول له لديكم. بما عندتم بأخيه علي بن أبي طالب جدي و بنيه و عترته الطيبين الأخيار، و افتخر بذلك مفتخركم.
نحن قتلنا عليا و بني علي # بسيوف هندية و رماح
و سبينا نساءهم سبي ترك # و نطحناهم فأي نطاح
بفيك أيها القائل الكثكث و الأثلب [1] افتخرت بقتل قوم زكاهم اللّه و طهرهم
[1] في تاج العروس الاثلب بكسر الهمزة و اللام و فتحهما و الفتح أكثر الحجر و قيل دقاق-