عباد اللّه لا يغرنكم عن دينكم هذا الجلف الجافي و اشباهه فو اللّه لا تنال شفاعة محمد صلى اللّه عليه و آله و سلم قوما هرقوا دماء ذريته و أهل بيته و قتلوا من نصرهم و ذب عن حريمهم.
فناداه رجل من أصحابه إن أبا عبد اللّه يقول لك أقبل فلعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح قومه و أبلغ في الدعاء فلقد نصحت هؤلاء و أبلغت لو نفع النصح و الابلاغ [1] .
خطبة برير
و استأذن الحسين برير بن خضير [2] في أن يكلم القوم فأذن له و كان شيخا تابعيا ناسكا قارئا للقرآن و من شيوخ القراء في جامع الكوفة و له في الهمدانيين شرف و قدر.
فوقف قريبا منهم و نادى: يا معشر الناس إن اللّه بعث محمدا بشيرا و نذيرا و داعيا إلى اللّه و سراجا منيرا، و هذا ماء الفرات تقع فيه خنازير السواد و كلابه و قد حيل بينه و بين ابن بنت رسول اللّه أفجزاء محمد هذا [3] ؟
فقالوا: يا برير قد اكثرت الكلام فاكفف عنا فو اللّه ليعطش الحسين كما عطش من كان قبله.
قال: يا قوم إن ثقل محمد قد أصبح بين أظهركم و هؤلاء ذريته و عترته و بناته و حرمه فهاتوا ما عندكم و ما الذي تريدون أن تصنعوه بهم فقالوا: نريد أن نمكن منهم الأمير عبيد اللّه بن زياد فيرى فيهم رأيه.
قال: أفلا تقبلون منهم أن يرجعوا إلى المكان الذي جاؤوا منه ويلكم يا أهل
[2] قال ابن الأثير في الكامل ج 4 ص 37 برير بالباء الموحدة و فتح الراء المهملة و سكون الياء المثناة من تحتها و آخره راء و خضير بالخاء و الضاد المعجمتين.
[3] في أمالي الصدوق ص 96 مجلس 30 طبعة أولى: لما بلغ العطش من الحسين و أصحابه استأذن برير أن يكلم القوم فأذن له.