فرأيت أربعة فرسان خارجين من باب السور، و كان حول المشهد قوم من الشرفاء يرعون أغنامهم فحسبتهم منهم، فالتقينا، فرأيت شابين أحدهما:
عبد مخطوط، و كل واحد منهم متقلد بسيف، و شيخا منقبا بيده رمح، و الآخر متقلد بسيف، و عليه فرجية ملونة فوق السيف، و هو متحنك بعذبته.
فوقف الشيخ صاحب الرمح يمين الطريق و وضع كعب الرمح في الأرض.
و وقف الشابان عن يسار الطريق، و بقي صاحب الفرجية على الطريق مقابل والدي؛ ثمّ سلّموا عليه، فردّ :، فقال له صاحب الفرجية:
أنت غدا تروح إلى أهلك؟
فقال: نعم.
فقال له: تقدم حتى أبصر ما يوجعك.
قال: فكرهت ملامستهم، و قلت في نفسي أهل البادية ما يكادون يحترزون من النجاسة، و أنا قد خرجت من الماء و قميصي مبلول؛ ثم إني بعد ذلك تقدمت إليه فلزمني بيده، و مدني إليه، و جعل يلمس جانبي من كتفي إلى أن أصابت يده التوثة، فعصرها بيده، فأوجعني؛ ثم استوى في سرجه كما كان.
فقال لي الشيخ: أفلحت يا إسماعيل.
فعجبت من معرفته باسمي، فقلت: أفلحنا و أفلحتم إن شاء اللّه.
قال: فقال لي الشيخ: هذا هو الإمام.
قال: فتقدمت إليه فاحتضنته، و قبّلت فخذه.
ثم إنه ساق و أنا أمشي معه محتضنه، فقال: ارجع.
فقلت: لا أفارقك أبدا.
فقال: المصلحة رجوعك.
فأعدت عليه مثل القول الأوّل؛ فقال الشيخ: يا إسماعيل!ما تستحي يقول لك الإمام مرتين ارجع و تخالفه؟!غ