لقد أخطأت : فيها كذلك الأسوار والماء النقي في النهر المجاور. وهذه المدينة قد تجردت من الفضائل وسأقول : ذلك هو الجحيم ، مع كثير من الخنازير الذين يسكنون منازلها وقد كان الدباغ شاعرا عربيا أنيقا ، مقذعا في هجائه [٥٧].
ولنعد الآن إلى سكان تبسّه. فقد عاشوا دوما في حالة تمرد ضد ملوك تونس. وكانوا يقتلون الحكام الموفدين من قبلهم. وحينما مر ملك فاس الحالي [٥٨] في أثناء آخر رحلة له في نوميديا ، بهذه المدينة ، ووصل لمسافة قريبة منها ، أرسل إليها طلائعه فنادوا عند اقترابهم من الأسوار «من يعيش هنا؟» فأجيبوا : «السور الأحمر» ومعنى ذلك سور المدينة. وعندها استشاط الملك غضبا وأصدر أمرا بالهجوم فدخل إلى تبسّه عنوة وشنق فيها أكثر من مائة رجل وذبح أكثر من مائة آخرين ، ثم نهب المدينة ، حتى أصبحت خاوية تقريبا. وحدث هذا عام ٩١٥ هجرية [٥٩].
مدينة الأربص
الأربص مدينة قديمة بناها الرومان كما يستدل على ذلك من اسمها [٦٠]. وتقع في سهل بديع جدا ، هو زهرة الولايات الإفريقية كلها. وأرضها منبسطة مع سهولة كبيرة في الري. وتقدم أريافها لتونس القمح والشعير.
وتقع الأربص على مسافة تسعين ميلا جنوبي تونس [٦١]. وتكثر فيها الأطلال الرومانية. ويوجد فيها كذلك تماثيل من رخام وصفائح رخامية موضوعة فوق الأبواب تحمل كتابات محفورة بالحروف اللاتينية ، والكثير من الحجارة المنحوتة. وقد سقطت
[٥٧] نفتقر للمعلومات عن هذا الشاعر الذي لا يعطينا المؤلف أكثر من كنيته.
[٦٠] كان يشار إلى مستعمرة لارس اللاتينية ، حسبما هو مألوف عند اللاتين ، بعبارة لاريبوس. وحرف العرب الكلمة صوتيا فأصبحت عندهم اربص التي اعتقد المؤلف أنها أوريس أي المدينة ، باللاتينية ، ولم يبق شيء من هذه المدينة الواقعة على مسافة ٣٠ كم غرب الكاف.
[٦١] ويقول في مكان آخر ٥٠ والحقيقة ٩٠ ميلا أو ١٤٤ كم بين الأربص وتونس.