responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : وصف إفريقيا المؤلف : ابن الوزّان الزيّاتي    الجزء : 1  صفحة : 358

وتقع على مسافة ثمانين ميلا من فاس ، ومائتين وخمسين ميلا من المحيط وخمسة وسبعين ميلا من البحر المتوسط مرورا بصحراء غارت عند الذهاب في اتجاه كساسه [٥١٨]. وتضم هذه المدينة حوالي خمسة آلاف أسرة. ولكن ليس فيها بيوت جميلة ، باستثناء قصور الأشراف ، والمدارس والجوامع المبنية بجدران غاية في الاتقان. وينحدر من الاطلس نهر صغير يمر من المدينة مخترقا الجامع الكبير. وكثيرا ما يتعرض هذا النهر للتحويل على أيدي الجبليين عندما يكونون على خلاف مع أهل المدينة. فيجعلونه يمر من مكان آخر ، مما يجعل المدينة تتعرض لأذى كبير ، إذ لا يمكن حينئذ طحن الحب ، ولا الحصول على ماء طيب للشرب ، ويضطر أهلها إلى الاكتفاء بماء الصهاريج العكر. وعندما يستتب السلام يعيد الجبليون الماء الى مجراه الأصلي.

وهذه المدينة هي الثالثة في المملكة من حيث المكانة وكذلك من حيث الحضارة. وفيها جامع أكبر من جامع فاس [٥١٩] ، وفيها ثلاثة مدارس ، وبضع حمامات وفنادق وأسواقها منتظمة مثل أسواق فاس. وسكانها ناس بواسل وكرماء بالقياس إلى اهل فاس. ويوجد بينهم كثير من المثقفين ورجال البر وكثير من الأغنياء لأن أراضيها تعطي أحيانا ثلاثين ضعفا لما ألقي فيها من بذور. ويمتد حول المدينة واد ترويه جداول بديعة رائعة ويشتمل على كثير من بساتين الاشجار التي تنتج كميات كبيرة من ألذ الثمار. وتعطي مزارع الكروم العديدة عنبا أبيض ، وعنبا احمر ، وعنبا اسود ، ويصنع منه اليهود الذين يبلغ عددهم خمسمائة بيت في المدينة ، خمورا غاية في جودتها. ويقال انها أجود خمور في جميع المناطق. ولا نزال نرى في تازه قصبة بديعة وكبيرة يقيم فيها حاكم المدينة.

ومن عادة ملوك فاس الحديثين ان يمنحوا هذه المدينة لثاني ابنائهم. ويجب ان تكون ، والحق يقال ، مقر بيت الملك بسبب نقاوة هوائها ، في الشتاء وفي الصيف. وكان يقيم الملوك المرينيون فيها كل فصل الصيف ، سواء لهذا السبب المذكور او لحراسة المنطقة وحمايتها من أعراب الصحراء الذين يقصدونها كل سنة كي يمتاروا بالأقوات وليجلبوا تمور سجلماسة التي يقايضونها بالحب. ويربح أبناء المدينة ربحا كبيرا من هذا الحب الذي يبيعونه للعرب بسعر مرتفع.


[٥١٨] أي ١٢٨ كم ، و ٣٠٠ كم ، و ١٢٠ كم.

[٥١٩] لا يزال قسم من هذا الجامع البديع مهدما في ايامنا.

اسم الکتاب : وصف إفريقيا المؤلف : ابن الوزّان الزيّاتي    الجزء : 1  صفحة : 358
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست