وعدّتها أربعون بيتا ، فأعطاه بكل بيت ألفا ، وقال له : إنّما أعطيناك لفضلك ولبيتك.
وكان عنوان الكتاب الذي أرسله صلاح الدين «إلى أمير المسلمين» وفي أوّله «الفقير إلى الله تعالى يوسف بن أيوب» وبعده من إنشاء الفاضل «الحمد لله الذي استعمل على الملّة الحنيفية من استعمر الأرض ، وأغنى من أهلها من سأله القرض ، وأجزى من أجرى على يده النافلة والفرض ، وزيّن سماء الملّة بدراري الذراري التي بعضها من بعض» وهو كتاب طويل سأله فيه أن يقطع عنه مادة البحر ، واستنجده على الإفرنج إذ كانت له اليد عليهم ، وعاد ابن منقذ من هذه الرسالة سنة ٥٨٨ بغير فائدة ، وبعث معه هديّة حقيرة ، وأمّا ابن منقذ فإنه أحسن إليه وأغناه ، لا لأجل صلاح الدين ، بل لبيته وفضله كما مرّ ، وما وقع من يعقوب في صلاح الدين إنّما هو لأجل أنّه لم يوفّه حقّه في الخطاب.
رجع ـ ولمّا استفحل أمر الموحّدين بالأندلس استعملوا القرابة على الأندلس وكانوا يسمّونهم السادة ، واقتسموا ولايتها بينهم. ولهم مواقف في جهاد العدوّ مذكورة ، وكان صاحب الأمر بمراكش يأتي الأندلس للجهاد ، وهزم يعقوب المنصور كما سبق قريبا بالأرك ابن أدفونش ملك الجلالقة الهزيمة الشنعاء.
وأجاز ابنه الناصر الوالي بعده البحر إلى الأندلس من المغرب سنة تسع وستمائة ومعه من الجنود ما لا يحصى ، حتى حكى بعض الثقات من مؤرّخي المغرب أنه اجتمع معه من أهل الأندلس والمغرب ستمائة ألف مقاتل ، فمحص الله المسلمين [١] بالموضع المعروف بالعقاب [٢] ، واستشهد منهم عدّة. وكانت سبب ضعف المغرب والأندلس ، أما المغرب فبخلاء
[٢] العقاب ـ بكسر العين ـ موضع بالأندلس بين جيان وقلعة رباح كانت في هذا الموضع موقعة عظيمة هزم فيها المسلمون سنة ٦٠٩ ه. (انظر صفة جزيرة الأندلس صفحة ١٣٧).