responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نفح الطّيب المؤلف : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    الجزء : 1  صفحة : 175

وذكر ابن بشكوال أن جباية الأندلس بلغت في مدّة عبد الرحمن الناصر خمسة آلاف ألف دينار وأربعمائة ألف وثمانين ألفا ، من السوق ، والمستخلص سبعمائة ألف وخمسة وستون ألف دينار.

ثم قال ابن حوقل : ومن أعجب ما في هذه الجزيرة بقاؤها على من هي في يده مع صغر أحلام أهلها ، وضعة نفوسهم ، ونقص عقولهم ، وبعدهم من البأس والشجاعة والفروسية والبسالة ، ولقاء الرجال ، ومراس الأنجاد والأبطال ، مع علم أمير المؤمنين بمحلّها في نفسها ومقدار جباياتها ومواقع نعمها ولذّاتها.

قال علي بن سعيد مكمل هذا الكتاب : لم أر بدّا من إثبات هذا الفصل وإن كان على أهل بلدي فيه من الظلم والتعصّب ما لا يخفى ، ولسان الحال في الردّ أنطق من لسان البلاغة ، وليت شعري إذا سلب أهل هذه الجزيرة العقول والآراء والهمم والشجاعة فمن الذين دبّروها بآرائهم وعقولهم مع مراصدة أعدائها المجاورين لها من خمسمائة سنة ونيّف؟ ومن الذين حموها ببسالتهم من الأمم المتّصلة بهم في داخلها وخارجها نحو ثلاثة أشهر على كلمة واحدة في نصرة الصليب؟ وإني لأعجب منه إذ كان في زمان قد دلفت [١] فيه عبّاد الصليب إلى الشام والجزيرة وعاثوا كل العيث في بلاد الشام ، حيث الجمهور والقبة العظمى ، حتى أنهم دخلوا مدينة حلب ، وما أدراك؟ وفعلوا فيها ما فعلوا ، وبلاد الإسلام متصلة بها من كل جهة ، إلى غير ذلك مما هو مسطور في كتب التواريخ ، ومن أعظم ذلك وأشدّه أنهم كانوا يتغلّبون على الحصن من حصون الإسلام التي يتمكّنون بها من بسائط بلادهم ، فيسبون ويأسرون ، فلا تجتمع همم الملوك المجاورة على حسم الداء في ذلك ، وقد يستعين به بعضهم على بعض ، فيتمكّن من ذلك الداء الذي لا يطبّ [٢] ، وقد كانت جزيرة الأندلس في ذلك الزمان بالضدّ من البلاد التي ترك وراء ظهره ، وذلك موجود في تاريخ ابن حيّان وغيره ، وإنما كانت الفتنة بعد ذلك ، الأعلام بيّنة ، والطريق واضح.

فلنرجع إلى ما نحن بسبيله : كانت سلطنة الأندلس في صدر الفتح على ما تقدّم من اختلاف الولاة عليها من سلاطين إفريقية ، واختلاف الولاة داع إلى الاضطراب ، وعدم تأثّل[٣]


[١] دلفت : مشت مشيا فيه هينة وتؤدة.

[٢] لا يطبّ : لا يعالج.

[٣] تأثلت الأحوال : استقرت وتثبتت.

اسم الکتاب : نفح الطّيب المؤلف : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    الجزء : 1  صفحة : 175
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست