قال ابن سعيد : وفي الأندلس مواضع ذكروا أن النار إذا أطلقت فيها فاحت بروائح العود وما أشبهه ، وفي جبل شلير أفاويه هندية.
قال : وأمّا الثمار وأصناف الفواكه ، فالأندلس أسعد بلاد الله بكثرتها ، ويوجد في سواحلها قصب السكر والموز ، ويوجدان [١] في الأقاليم الباردة ، ولا يعدم منها إلّا التمر ، ولها من أنواع الفواكه ما يعدم في غيرها أو يقلّ ، كالتين القوطيّ والتين السفريّ [٢] بإشبيلية.
قال ابن سعيد : وهذان صنفان لم تر عيني ولم أذق لهما منذ خرجت من الأندلس ما يفضلهما ، وكذلك التين المالقيّ والزبيب المنكّبيّ والزبيب العسليّ والرمان السفري والخوخ والجوز واللوز ، وغير ذلك مما يطول ذكره.
وقد ذكر ابن سعيد أيضا أن الأرض الشمالية المغربية فيها المعادن السبعة ، وأنها في الأندلس التي هي بعض تلك الأرض ، وأعظم معدن للذهب بالأندلس في جهة شنت ياقور [٣] قاعدة الجلالقة على البحر المحيط ، وفي جهة قرطبة الفضّة والزئبق ، والنحاس في شمال الأندلس كثير ، والصّفر الذي يكاد يشبه الذهب ، وغير ذلك من المعادن المتفرقة في أماكنها.
والعين التي يخرج منها الزاج [٤] في لبلة مشهورة ، وهو كثير مفضل في البلاد منسوب لجبل [٥] طليطلة جبل الطّفل الذي يجهز إلى البلاد ويفضل على كل طفل بالمشرق والمغرب.
وبالأندلس عدة مقاطع للرخام ، وذكر الرازي أن بجبل قرطبة مقاطع الرخام الأبيض الناصع اللون [٦] والخمري ، وفي ناشرة مقطع عجيب للعمد ، وبباغه من مملكة غرناطة مقاطع للرخام كثيرة غريبة موشّاة في حمرة وصفرة ، وغير ذلك من المقاطع التي بالأندلس من الرخام الحالك والمجزّع.
وحصى المريّة يحمل إلى البلاد فإنه كالدّرّ في رونقه ، وله ألوان عجيبة ، ومن عادتهم أن يضعوه في كيزان الماء.
وفي الأندلس من الأمنان [٧] التي تنزل من السماء القرمز الذي ينزل على شجرة البلّوط فيجمعه الناس زمن الشّعرى ويصبغون به ، فيخرج منه اللون الأحمر الذي لا تفوقه حمرة.
قال ابن سعيد : وإلى مصنوعات الأندلس ينتهي التفضيل ، وللمتعصّبين لها في ذلك كلام