responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نفح الطّيب المؤلف : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    الجزء : 1  صفحة : 165

نفسه ، وإذا أدخله أحد لم يتحرّك ، ونظير هذا المعنى في بعض الحيوانات بالنسبة إلى بعض البلاد كثير ، وذلك برصد أو طلّسم ، وقد استطرد بعض علماء أصول الدين ذلك عندما تكلّموا على السحر حسبما قرّر في محله ، والله أعلم.

هكذا رأيت في كلام بعض علماء المشارقة ، والذي رأيته لبعض مؤرّخي المغرب في سرقسطة أنها لا تدخلها عقرب ولا حيّة إلّا ماتت من ساعتها ، ويؤتى بالحيّات والعقارب إليها حيّة فبنفس ما تدخل إلى جوف البلد تموت ، قال : ولا يتسوّس فيها شيء من الطعام ، ولا يعفن ، ويوجد فيها القمح من مائة سنة ، والعنب المعلّق من ستة أعوام ، والتين والخوخ وحب الملوك والتفاح والإجّاص اليابسة من أربعة أعوام ، والفول والحمص من عشرين سنة ، ولا يسوّس فيها خشب ولا ثوب كان صوفا أو حريرا أو كتّانا ، وليس في بلاد الأندلس أكثر فاكهة منها ، ولا أطيب طعما ، ولا أكبر جرما ، والبساتين محدقة بها من كل ناحية ثمانية أميال ، ولها أعمال كثيرة : مدن وحصون وقرى مسافة أربعين ميلا ، وهي تضاهي مدن العراق في كثرة الأشجار والأنهار ، وبالجملة فأمرها عظيم ، وقد أسلفنا ذكرها.

واعلم أنّ بأرض الأندلس من الخصب والنّضرة وعجائب الصنائع وغرائب الدّنيا ما لا يوجد مجموعة غالبا في غيرها ، فمن ذلك ما ذكره الحجاري في المسهب : أنّ السّمّور [١] الذي يعمل من وبره الفراء الرفيعة يوجد في البحر المحيط بالأندلس من جهة جزيرة برطانية ، ويجلب إلى سرقسطة ويصنع بها. ولمّا ذكر ابن غالب وبر السّمّور الذي يصنع بقرطبة قال : هذا السمّور المذكور هنا لم أتحقّق ما هو ، ولا ما عني به ، إن كان هو نباتا عندهم أو وبر الدابة المعروفة ، فإن كانت الدابة المعروفة فهي دابّة تكون في البحر ، وتخرج إلى البرّ ، وعندها قوّة ميز. وقال حامد بن سمحون [٢] الطبيب صاحب كتاب الأدوية المفردة : هو حيوان يكون في بحر الروم ، ولا يحتاج منه إلّا إلى خصاه ، فيخرج الحيوان من البحر في البرّ ، فيؤخذ وتقطع خصاه ، ويطلق ، فربّما عرض للقنّاصين مرة أخرى ، فإذا أحسّ بهم وخشي أن لا يفوتهم استلقى على ظهره وفرج بين فخذيه ليرى موضع خصييه خاليا ، فإذا رآه القناصون كذلك تركوه. قال ابن غالب : ويسمّى هذا الحيوان أيضا الجندبادستر ، والدواء الذي يصنع من خصييه من الأدوية الرفيعة ، ومنافعه كثيرة ، وخاصيته في العلل الباردة ، وهو حارّ يابس في الدرجة الرابعة.


[١] السّمور : حيوان شبيه بالسنور. جريء ، لين الجلد ، فروه ثمين غال ، ويصنع من خصييه أدوية رفيعة ومنافعه كثيرة.

[٢] في ب : حامد بن سمجون.

اسم الکتاب : نفح الطّيب المؤلف : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    الجزء : 1  صفحة : 165
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست