فقال له أبو بكر بن سعيد : وإلى الآن لا سبيل له إلّا بآذان [١]؟ فقال : حتى يبعث الله ولد زنى كلما أنشدت هذه الأبيات قال : إنها [٢] لأعمى ، فقال : أمّا أنا ، فلا أنطق بحرف ، فقال : من صمت نجا. وكانت نزهون بنت القلاعي حاضرة فقالت : وتراك يا أستاذ ، قديم النعمة بمجمر ندّ وغناء وشراب ، فتعجب من تأتّيه وتشبّهه بنعيم الجنة ، وتقول : ما كان يعلم إلّا بالسماع ، ولا يبلغ إليه بالعيان؟ ولكن من يجيء من حصن المدوّر ، وينشأ بين تيوس وبقر ، من أين له معرفة بمجالس النعيم؟ فلمّا استوفت كلامها تنحنح الأعمى ، فقالت له : ذبحة ، فقال : من هذه الفاضلة؟ فقالت : عجوز مقام أمّك ، فقال : كذبت ، ما هذا صوت عجوز ، إنّما هذه نغمة قحبة محترقة تشمّ روائح هنها [٣] على فراسخ [٤] ، فقال له أبو بكر : يا أستاذ ، هذه نزهون بنت القلاعي الشاعرة الأديبة ، فقال : سمعت بها ، لا أسمعها الله خيرا! ولا أراها إلّا أيرا! فقالت له : يا شيخ سوء تناقضت ، وأيّ خير للمرأة مثل ما ذكرت؟ ففكّر ساعة ثم قال : [الطويل]