responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نفح الطّيب المؤلف : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    الجزء : 1  صفحة : 161

هذا النّعيم الذي كنّا نحدّثه

ولا سبيل له إلّا بآذان

فقال له أبو بكر بن سعيد : وإلى الآن لا سبيل له إلّا بآذان [١]؟ فقال : حتى يبعث الله ولد زنى كلما أنشدت هذه الأبيات قال : إنها [٢] لأعمى ، فقال : أمّا أنا ، فلا أنطق بحرف ، فقال : من صمت نجا. وكانت نزهون بنت القلاعي حاضرة فقالت : وتراك يا أستاذ ، قديم النعمة بمجمر ندّ وغناء وشراب ، فتعجب من تأتّيه وتشبّهه بنعيم الجنة ، وتقول : ما كان يعلم إلّا بالسماع ، ولا يبلغ إليه بالعيان؟ ولكن من يجيء من حصن المدوّر ، وينشأ بين تيوس وبقر ، من أين له معرفة بمجالس النعيم؟ فلمّا استوفت كلامها تنحنح الأعمى ، فقالت له : ذبحة ، فقال : من هذه الفاضلة؟ فقالت : عجوز مقام أمّك ، فقال : كذبت ، ما هذا صوت عجوز ، إنّما هذه نغمة قحبة محترقة تشمّ روائح هنها [٣] على فراسخ [٤] ، فقال له أبو بكر : يا أستاذ ، هذه نزهون بنت القلاعي الشاعرة الأديبة ، فقال : سمعت بها ، لا أسمعها الله خيرا! ولا أراها إلّا أيرا! فقالت له : يا شيخ سوء تناقضت ، وأيّ خير للمرأة مثل ما ذكرت؟ ففكّر ساعة ثم قال : [الطويل]

على وجه نزهون من الحسن مسحة

وإن كان قد أمسى من الضوء عاريا

قواصد نزهون توارك غيرها

ومن قصد البحر استقلّ السّواقيا [٥]

فأعملت فكرها ثم قالت : [المجتث]

قل للوضيع مقالا

يتلى إلى حين يحشر

من المدوّر أنشئ

ت والخرا منه أعطر

حيث البداوة أمست

في مشيها تتبختر

لذاك أمسيت صبّا

بكلّ شيء مدوّر

خلقت أعمى ولكن

تهيم في كل أعور

جازيت شعرا بشعر

فقل لعمري من اشعر


[١] هنا تعريض بأن المخاطب أعمى.

[٢] في ب : إنّ قائلها أعمى.

[٣] هن المرأة : فرجها.

[٤] في ب : فرسخ.

[٥] هذا البيت في الأصل للمتنبي يمتدح كافورا الإخشيدي :

قواصد كافور توارك غيره

ومن قصد البحر استقلّ السواقيا

اسم الکتاب : نفح الطّيب المؤلف : الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني    الجزء : 1  صفحة : 161
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست