[١] « السلام عليك يا ثار الله وابن ثاره » ينحصر توجّه الإنسان إلى أولياء الحقّ ومظاهره ومحاله التامّة بوجهين :
الأوّل : النظر إليهم بعين الاستقلال وإنّهم كمحمّد وعليّ ، هم الله سبحانه وما إلى ذلك وهذه الطريقة هي الكفر والإلحاد ، وجرت الإشارة إلى ذلك من النبيّ إلى ذلك كقوله 6 : أنا عبد الله مرزوق ومخلوق .
ويقول أمير المؤمنين : أنا عبد من عبيد محمّد 6[١] .
ويقول الإمام الصادق 7 : لو عرفت الله بمحمّد ما عبدته ، وإنّ الله أجلّ من أن يعرف بخلقه [٢] .
الوجه الثاني : التوجّه إلى مقام نورانيّة الأولياء لا بنحو استقلالهم بل لأنّهم مظاهر نور الله ، ولا يبدو لهم ذات للناظر مستقلّة عن هذا اللحاظ ، لذلك نحن حين نخاطبهم ، نقول : من عرفكم فقد عرف الله ، وجاء في أقوالهم : : بنا عُرف الله ، وبنا عُبِد الله ، وبنا وُحِّد الله [٣] . وأبى الله أن يعرف إلّا بالرجال .
ومن هنا يقول الله تعالى : ( اللَّـهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي اللَّـهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ )[٤] لا سيّما إذا اُخذ تفسير الآية من المأثور عن أهل البيت : فإنّ المراد من المصباح والزجاجة محمّد وآل محمّد 6 ، لأنّه عندما يلمح النور منعتقاً من حجاب الزجاجة لا يعيرها الناظر إليها اهتماماً بل ينحصر همّه في مشاهدة النور ، كما يقول أمير المؤمنين 7 : « يا سلمان يا جندب ، معرفتي بالنورانيّة هي معرفة الله ومعرفة الله هي معرفتي » [٥] وكذلك يقول 7 : « من رآني فقد رأى الحقّ » [٦] ومن عرفكم فقد عرف الله ، ومعرفة الله هي معرفة كلّ أهل زمانٍ إمامهم . وقول أمير المؤمنين 7 : « أنا الأوّل وأنا الآخر وأنا الظاهر وأنا الباطن ، وأنا يد
_________________
[١] « إنّما أنا عبد من عبيد محمّد 6 » بحار الأنوار ٣ : ٢٨٣ . ( المترجم )
[٢] تجد هذه العبارة من كلام السيّد نعمة الله الجزائري في كتاب « نور البراهين » ٢ : ١١٣ . ( المترجم )
[٣] بحار الأنوار ٢٦ : ٢٦٠ ، وعُبِد الله مكان وُحِّد . ( المترجم )