أقول : لمّا كانوا : وسائط فيض الله تعالىٰ وجوده ، ومجالي نوره وظهوره ، ومكامن سرّه ، كما قال 7 ( بنا اهتديتم في الظلماء ، وتسنمتم العلياء وبنا انفجرتم عن السرار ... ) [١] ، أي صرتم ذوي فجر.
وقوله 7 : ( تسنّمتم العلياء ) أي ركبتم سنامها.
فما من نعمة فاضت علىٰ الخلق إلّا بواسطتهم وبأيديهم ، فهم النعم العظمىٰ ، والدولة القصوىٰ من الله تبارك وتعالىٰ في الآخرة والاُولىٰ ، كما قيل :
من فضل ربّهم ولاته ارتوتْ
أنوارهم في نورهم قد انطوتْ
وقرب فرض الكلّ مثل النفلِ
كالفرع ثم قربهم كالأصلِ
بأرضهم تستنسر البغاثُ
والمستغيثين بهم أغاثوا
مجد بناته وفضل كرم
في غرف مبنية عليهم
ثم إنّ النعم تشتمل النعم الباطنة من العلم والحكمة والعرفان ، والإيمان بالله وباليوم الآخر ، والأنبياء والرسل والأوصياء الاثني عشر ، عليهم صلوات الله الملك الأكبر إلىٰ يوم المحشر.
بيان الذنوب المغيّرة للنعم
فالذنوب التي تغيّر تلك النعم وتذهب بنورها هي الخطيئات التي يعدّها أهل السلوك إلىٰ الله تعالىٰ أيضاً ذنباً ، كالتوجّه إلىٰ غيره تعالىٰ وترك الأولىٰ ، وكثرة الأكل والشرب والنوم ، وقلّة الاكتراث بالصلاة والصوم ، وكلّ ما كان من هذا القبيل من الهواجس النفسانية ، فضلاً عن الوساوس الشيطانية. فليتجنب العبد المؤمن عن جميع هذه الذنوب ، بعناية الله الحبيب المحبوب.