فظنه صالحا فباس [١] يده ، وقال : يا سيدي ادع لي ففتح يديه وقال : اللهم ارزق عبدك هذا صحة في الجسد ونهمة في الأكل مع دوام شهوة ، وارزقه نقاء المعدة وسعة المصران وأمتعه بسن قطوع ، وناب كسور وضرس [٢] طحون ، واجعله من عبادك الآكلين يا رب العالمين.
فقال الرجل : تقبل الله فهذه دعوات مغفول عنها.
[ومن بخل زياد بن عبد الله الحارثي أيضا][٣] :
حكى الزبير بن بكار [قال][٤] : كان زياد بن عبد الله الحارثي من أبخل / الناس ، وكان واليا بالكوفة. فأهدى له كاتبه طعاما قد تأنق فيه فوافاه وقد تغدى.
فغضب وقال : يبعث أحدهم طعاما في غير وقته ، ادعو الفقراء المجاورين بالجامع ليأكلوه. فدعوهم ، فلما حضروا قال الرسول :
ـ إن رأى الأمير أن يأمرنا بالكشف عن الطعام لينظره.
قال : فلما رآه ، رأى ما هاله من ألوان حسنة [٥] ، ودجاج ألوان ، ومأكل فاخر ، مع حلاوات مختلفة الأنواع.
فقال : ارفعوه واحترصوا على حفظه ، ثم قال للفقراء الذين جاءوا من المسجد :
ـ يا ويلكم ، إنه بلغني أنكم تفسون في المسجد وقد أنتنتموه بفسائكم ، ثم أمر الوالي أن يضرب [٦] كل واحد خمسين صوتا.
فقال الوالي : أتأذن أيها الأمير أن أضربهم بداري؟
فقال : افعل ، فخرج بهم إلى خارج الدار وأمر بإطلاقهم فذهبوا متفرقين ، ولم يعودوا لذلك المسجد.
من كلام أهل الفضل :
الفقير [٧] : قوته ما وجد ، ولباسه ما ستر ، ومنزله حيث حل.
[١] المراد : قبّل يده.
[٢] سن تكررت والمراد ضرس فهو الذي يطحن الطعام أما السن فإنه يقطع.
[٣] العنوان من عمل المحقق غفر الله له آمين.
[٤] ما بين المعقوفين يتطلبه السياق.
[٥] في المخطوط : الحسنة ، وهو تحريف.
[٦] في المخطوط : يظرب ، وهو تحريف.
[٧] في المخطوط : الفقر ، وهو تحريف.