فقال بدر الدين الوزير : والله لست بنمام ، وعاد من حيث أتى.
ونظير ذلك أن شخصا رئيسا جليل القدر وكان يدعى ببدر الدين ففقده ليلة كما تقدم وتطلع عليهم وفي تطلعه أنار عليهم البدر فضمت محبوبها إلى صدرها ، وأنشدت مخاطبة لبدر السماء هذه الأبيات :
قد جمع الشمل وجاء الحبيب
ونلت ما أرجو بأوفى نصيب
وطلع البدر فقلنا له
هل أنت يا بدر علينا رقيب
بالله لا تفضح سرا خفيا
ولا تشني بفراق الحبيب
فقال والده بنفسه : والله لم أكن عليكم برقيب. ثم عاد من حيث أتى.
ومما وقع أيضا ومن اللطافة :
ما وقع لرئيس مع ولده ، وكان ينهاه عن شرب الخمر ويلازمه خوفا عليه ، فدخل يوما على ولده في حين غفلة ، وكان الولد خصه الله من الجمال بأوفى نصيب فوجد بين يديه زجاجة فيها خمر فغضب ثم قال : ما هذا؟
فقال له ولده : هو ماء.
فقال : الماء أبيض ، وهذا أحمر إنما [هو][٢] خمر. وهمّ أن يبطش به.
قال : فقال ولده : اصبر ، واسمع ، وصدق / المقال في هذا ، ثم أنشده :
يسألني ما في الزجاجة قلت
زلالا وماء للحياة به بشر
فقال : أماء كان في اللون أحمر
وفي كل ظني أن ذا رائق الخمر
فقلت له : أخطأت بالظن عامد
ولكن لهذا الماء في لونه عذر
تجلى له خدي بلطف احمراره
توهمت ذاك الماء في لونه خمر
ومن اللطائف :
ما قيل : إن بعض التجار شمسا ، وكان له ولد في غاية الجمال ، وكان والده لا يفارقه خوفا عليه. وكان بجوارهم امرأة حسناء ، وكانت تهواه ويهواها ، فنام يوما وقت
[١] في المخطوط : حدودت ، وهو تحريف. والتصويب من هامش المخطوط وبقلم الناسخ.