وآمن [١] به وقصّ عليه رؤيته ، ثم صحبه ، هو ومن آمن معه ، وسأله أن يبين له دينه ، فعلمه ، وفرح به ، وقال : من يرد الله به خيرا لم يصرفه عنه أبدا ، فلزموا نوح 7 وخدموه حتى ركبوا معه السفينة.
وأما فرعان ، فكان على ظلمه وتجبره وعداوته ، وكثر الظلم والهرج والمرج ، وهلكت المواشي وتلفت الزروع وأجدبت النواحي ، وظلم الخلق بعضهم بعضا ، وسدت الهياكل والبرابي وطينت أبوابها.
وجاءهم الطوفان ، وانهمل المطر عليهم يوم الأحد رابع وعشرين في الشهر ، وكان فرعان سكرانا ، فأفاق من حرّ ماء الطوفان هاربا نحو الهرم ، فتخلخلت الأرض به فطلب الأسراب فخانته رجلاه فسقط يخار ويخور كما يخور البقر ، وأهلكه الله تعالى بالطوفان ، ووصل الماء من الأهرام آخر التربيع ظاهرا إلى الآن ، وليس بين أهل التاريخ خلاف في عموم الماء جميع الأرض.
ذكر ملوك مصر بعد الطوفان
أجمع أهل الأثر أن أول من ملك مصر بعد الطوفان فليمون بن مصريم بن حام بن نوح 7.
وأن فليمون لما ركب مع نوح 7 سأله أن يخلطه بأهل فرج بنت فليمون من مصريم بن حام فولدت له ولدا سماه / فليمون مصر.
فلما قسم نوح 7 الأرض بين أولاده [٢] قال فليمون لنوح 7 : أرسلني وولدي إلى بلدي.
فأظهر له كنوزا وأورثه علوما فأنفذه معه ومعهما جماعة من أهل بيته ، فلما قرب من مصر بنى له عريشا من أغصان الشجر ، وستره بحشيش ، ثم أنه [٣] بنى بعد ذلك مدينة وسماها : درسان ـ أي : باب الجنة ـ.
فزرعوا ، وغرسوا الأشجار من درسان إلى البحر زروع ، وعمارة ، وأشجار مختلفة الثمار مونقة الأغصان.
وكان أصحاب الملك مصريم كلهم جبابرة عتاة ، قطعوا الصخور ، وبنوا المعالم ، والمصانع ، وأقاموا الأعلام.