قال ، ثم إنّ الباي رحل من مكانه للعمائر ، ونزل بلد أولاد سليمان أحد بطون بني عامر. ورحل من الغد ونزل بالمبطوح ربضا ، ثم ارتحل ونزل بثنية مأخوخ بلد أولاد علي أحد بطون بني عامر أيضا. وقد اجتمع بنو عامر بجمعهم الغاوي ، وجيشوا ببلد أولاد الزاير مع الدرقاوي ، يرومون لقاء الباي ، وما ذاك إلّا من تلف الرأي ، والباي في قلبه شيء كبير وغم عسير ، مما هم فيه القرغلان ، المستقرون بتلمسان ، حيث ضاق عليهم الحال ، حتى عدموا القوت والمال ، وطاش لهم اللّبّ والبال ، بمنازلة العدو عليهم ولا يفارقهم بالغدوّ والآصال ، ورسلهم تتعاقب على الباي بأنهم في النكال ، ونزل بهم السخط والوبال ولا لهم طاقة لما هم فيه على القتال ، وافترق التلمسانيون على فرقتين : قرغلية ، وحضر ، بغير مين ، وشعلت بينهما نار الحرب في البلد ، وطالت واتصلت على الوالد والولد ، وهم في أشدّ عذاب ونكول ، ولسان حالهم ينشد ويقول ، ما هو في الأنيس منقول ، أبياتا من المتقارب دالة على الإضاعة والتعاطب :