اسم الکتاب : سامرّاء دراسة في النشاة والبنية السكانية المؤلف : د. صالح أحمد العلي الجزء : 1 صفحة : 106
تشمل السوق حوانيت لبيع السلع ، وربما لمعالجة بعضها. ولم تذكر في سلعها صناعات واسعة كالنسيج وغيره ، ويبدو أن أكثر الأعمال فيها تتصل ببيع المنتوجات وليس صناعتها ، ولم يرد ذكر صناعة تميزت بها سامرّاء أو كانت تصدّرها ، فسلعها استهلاكية تعتمد على ما تستورده من مواد أوّلية أو مصنوعات.
لم يذكر للتجّار في سامرّاء دور متميز ، ولعل تجّار بغداد كانت لهم الهيمنة على العمليات التجارية في سامرّاء ، وأن بغداد احتفظت بمركزها التجاري العالمي ، وجعلت من سامرّاء مركزا فرعيا تابعا لها ، ومما يؤيّد هذا أنه لم يرد ذكر للخانات والفنادق في سامرّاء التي كانت ترتبط ببغداد وبالموصل بالطريقين النهري والبري ، والآخر كان يسلك الجانب الشرقي من دجلة ، وفي هذا يقول اليعقوبي : «اتصلت العمارة والمنازل بين بغداد وسرّ من رأى في البر والبحر ، أعني في دجلة وجانبي دجلة» [١].
يقول اليعقوبي : «وبلغت غلّات سامرّاء ومستغلاتها وأسواقها عشرة آلاف ألف درهم في السنة» [٢] وهذا المبلغ قريب من نظيره في بغداد حيث كانت أجرة الأسواق ببغداد في الجانبين جميعا مع رحا البطريق وما اتصل بها في كل سنة اثني عشر ألف ألف درهم ، [٣] علما بأن جباية بغداد تدخل فيها موارد رحا البطريق ، وهي في الراجح احتفظت بالتجارة العالمية.
ولابدّ أن تنامي سامرّاء وتزايد السكان فيها أدّيا إلى ازدحام السكن وارتفاع الأسعار فامتدت العمارات فيها ، بعد أن كانت قطائع وهبتها الدولة. وكانت قطيعة الحسن بن سهل في آخر الأسواق وبين خشبة بابك والمطيرة ، وليس في ذلك الموضع يومئذ شيء من العمارات ، ثم أحدقت العمارة به حتى صارت قطيعة الحسن بن سهل وسط سرّ من رأى ، وامتد بناء الناس من كل ناحية واتصل البناء بالمطيرة [٤].