اسم الکتاب : زبدة الحلب من تاريخ حلب المؤلف : ابن العديم الجزء : 1 صفحة : 112
فلما قطع سيف الدولة الفرات ، أكرم أبا الفتح دون إخوته ، وأركبه معه في العمارية [١] ؛ وجعل سيف الدولة يسأله عن كل قرية يجتاز بها : ما اسمها؟ فيقول أبو الفتح : هذه الفلانية! حتى عبروا بقرية يقال لها «ابرم» وهي قرية قريبة من الفايا [٢]. فقال له سيف الدولة : «ما اسم هذه القرية؟» قال أبو الفتح : «أبرم». فظن سيف الدولة أنه قد أكرهه بالسؤال. فقال له أبرم من الإبرام. فسكت سيف الدولة عن سؤاله. فلما عبروا بقرى كثيرة ، ولم يسأله عنها علم أبو الفتح بسكوت سيف الدولة. فقال له أبو الفتح : «سيدي يا سيف الدولة ، وحقّ رأسك ، إنّ القرية التي عبرنا عليها اسمها ابرم ، واسأل عنها غيري». فعجب سيف الدولة من ذكائه. فلما وصل حلب أجلسه معه على السرير.
ودخل سيف الدولة حلب ، يوم الاثنين لثمان خلون من شهر ربيع الأول ، من سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة.
وكان القاضي بها أحمد بن محمد بن ماثل ، فعزله وولّى أبا حصين علي بن عبد الملك بن بدر بن الهيثم الرقي ؛ وكان ظالما ، فكان إذا مات إنسان أخذ تركته لسيف الدولة. وقال : «كلّ من هلك فلسيف الدولة ما ترك ، وعلى أبي حصين الدّرك» [٣].
[٢] الفايا : كورة بين منبج وحلب كبيرة ، وهي من أعمال منبج في جهة قبلتها قرب وادي بطبان ، ولها قرى عامرة ، فيها بساتين ومياه جارية. معجم البلدان.
[٣] بهامش الأصل : «هذه حكاية عجيبة من قاض ظالم يقول : كل من هلك فلسيف الدولة ـ ما ترك ، وعلى أبي حصين الدرك. بئس ما قال هذا القاضي من المقالة القبيحة ، وبئس ما فعله من الفضيحة».
اسم الکتاب : زبدة الحلب من تاريخ حلب المؤلف : ابن العديم الجزء : 1 صفحة : 112