اسم الکتاب : رحلة فتح الله الصايغ الحلبي المؤلف : فتح الله الصايغ الحلبي الجزء : 1 صفحة : 247
من أعظم الكفر ، والسلام على من أجاب المطلوب وجعل من أهل الجنة محسوب ، والامضاء الرهوب [١] من الله ابن سعود عبد الله [٢].
فابتدأنا نتشاور ورأينا من المستحسن أن يذهب الدريعي عنده لعدة أسباب : أولا لأجل الكشف عن أخباره ورؤية بلاده والاستفهام عن أحواله ، ثانيا ربما نستطيع أن نبرم الصلح معه لأن الصلح معه يومئذ أحسن بكثير من عداوته ، لأننا أصبحنا أقوياء وصرنا حزبا كبيرا ، لذلك تأكد عندنا أنه يرضى بالصلح معنا مثل قرنين مع بعضهما ، ولكنه ما كان في أول الأمر يرضى بهذه الصفة لأننا كنا ضعفاء ، بل كان مراده أن نكون من جملة رعاياه بإعطاء الجزية [٣] ، وتحت أمره في كل ما يريد ، فما كان بإمكاننا أن نفعل أدنى حركة من مطلوبنا ، ثالثا لكي نريح القبائل التي تبعتنا من شره ، إذ يوجد دائما قبائل متفرقة ، كما هي عادتهم بالبادية [٤] ، فيقوم بعمل أذيات لها ، [وبالصلح] تكون آمنة على نفسها من طرفه ، وغير ذلك من أسباب سياستنا وهي عديدة. فاعتمد رأي الدريعي على الذهاب عند الوهابي فقال الشيخ إبراهيم : ما هي نيتك يا ولدي ، هل لك جراءة على التوجه مع الدريعي عند هذا الرافضي ورؤيته الغريبة؟ فقلت : نعم أتوكل على الله وأذهب ، وإن هي إلا موتة في سبيل الله ، إذ من المعلوم عندي أنه يبغض جنس النصارى ، وإذا لم يفعل شيئا مع الدريعي فإنه يقتلني أنا ، أولا لأن قلبه ملآن مني بسبب ما بلغه عني ، وثانيا لأني نصراني عدو الدين. ولكن لا بد لي من الذهاب ولو فاحت من ذلك رائحة الموت ، فإني أحسب نفسي قد متّ وأن [هذه السفرة] من جملة الأخطار [٥] المميتة التي جرت على رأسي. فقال الدريعي : لك بسعري ، لا يحدث لك شيء إلا بعد أن يقتلني أنا. فاعتمد رأينا على ذلك وشاع الخبر فأتى كبار القبائل وودعونا ، وجهزنا لوازمنا ، ودبرت أموري مع الشيخ إبراهيم وودعته وداعا كبيرا وطلبت منه الدعاء ، وأوصيته بوالدتي إن جرى علي شيء يكون نظره عليها. وقبل ركوبنا أمر الدريعي ابنه أن يرحل بالعربان ويذهب إلى حوران إلى أن نحضر عن طريق الحجاز.
[٢] تسنّم عبد الله بن سعود العرش الوهابي ، بعد وفاة أبيه في أيار سنة ١٨١٤. ولكن جرت العادة أن يشارك ولي العهد والده في الحكم ، لا سيما وأن الحروب كانت ترغم الملك على أن يكون على رأس جيوشه لمجابهة العدو ، فكان يسند أمور الدولة وإدارة العاصمة إلى ابنه عبد الله. ومن البديهي أن الرسالة الأصلية قد بقيت في حوذة الدريعي وأن الصايغ قد أعاد سبكها بأسلوبه العامي البدوي.