وهذه المدينة ـ كلأها الله ـ من المدن العجيبة الغريبة ، وهي في غاية الاتّساع ونهاية الإتقان ، والرّخام بها كثير [١] ، وأكثر أبواب ديارها معمول به عضائد وعتبا ، وجلّ مبانيها في حجر منحوت محكم العمل ، ولها أبواب عديدة ، وعند كلّ باب منها ربض [٢] متّسع على قدر البلد المستقلّ ، ولو أتّفق أن يكون بها ماء جار لكانت معدومة النّظير شرقا وغربا ، ولكن ماؤها قليل ؛ وفي ديارها مصانع لماء المطر ، وهو المستعمل عندهم.
وأمّا السّاقية المجلوبة من ناحية زغوان [٣][٢٢ / ب] فقد استأثر بها قصر السّلطان [٤] وجنانه إلّا رشحا يسيرا سرّب إلى ساقية [٥] جامع الزّيتونة ، يتسرّب [٦] منها في أنابيب من رصاص ، ويستقي منها الغرباء ومن ليس في داره ماء ، ويكثر عليها الازدحام [٧].
[جامع الزّيتونة]
وهذا الجامع من أحسن الجوامع وأتقنها وأكثرها إشراقا ، ودائره مسقّف ووسطه فضاء قد نصبت فيه أعمدة من خشب على قدر ارتفاع