ولو قيل : بأنّ
الواضع لأعلام الأجناس لاحظ جنس الأسد ـ مثلا ـ وهو عام ، ثم وضع لفظ أسامة لكل
فرد فرد منها بخصوصيّاته الشخصيّة ، كما لو لاحظ الإنسان عنوان المولود له ، وسمّى
كلّ واحد منهم محمّدا ، فهي أعلام ، لأنها موضوعة للشخص بخصوصيّاته وتشخّصاته ،
ومعارف كسائر الأعلام ، ولا فرق بينها وبين سائر الأعلام إلاّ أنّ الملحوظ فيها
الجنس ، ولهذا سميت بأعلام الأجناس.
واعلم أنّ من
الحروف ما لم يوضع لإيجاد ربط ، ولا لإفادة معنى ، بل وضعت لأغراض اخر من تزيين
الكلام ونحوه ، وهذا نوع آخر من التعهّد يقاربه ولا يطابقه ، كما يظهر للمتأمّل.
وقد منع السيد
الرضي [١] ، وفاقا للمبرد ، وقوع هذه الحروف في الكتاب العزيز ،
لظنّهما لزوم اللغو الّذي ينبغي أن ينزه عنه كلام الله سبحانه ، كما بيّنه ـ رضي
الله عنه ـ في تفسيره المسمّى بـ ( حقائق التنزيل ودقائق التأويل ) (٢)(٣) عند
[١] هو سيّد العلماء
، وأشرف الفقهاء ، وأزهد الفضلاء ، وأشعر الشعراء أبو الحسن محمد بن السيّد النقيب
أبي أحمد حسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم بن الإمام الهمام موسى ابن جعفر
الصادق صلوات الله عليهما ـ أخو السيد المرتضى علم الهدى ـ الملقّب بالسيد الرضي ،
المشتهر بذلك ، وأمره في الثقة والجلالة أشهر من أن يذكر ، وأعلى من أن يسطر ،
هذا.
ونقل أنه كان يوما عند
الخليفة الطائع لله العبّاسي وهو يعبث بلحيته ويرفعها إلى أنفه ، فقال له الطائع :
أظنّك تشتمّ منها رائحة الخلافة. فقال الرضي : بل رائحة النبوّة. هذا.
وله تصانيف كثيرة ، منها :
التفسير الكبير المذكور في المتن ، ومنها : كتاب نهج البلاغة ، وهو معروف ، تولّد
الرضي سند ٣٥٩ ، وتوفي سنة ٤٠٦ ، فكان عمره الشريف سبع وأربعين سنة ، فرحمة الله
تعالى عليه. ( مجد الدين ).
[٢] وهذا الكتاب غير
محتاج إلى التوصيف ، بل هو أحسن من كل تصنيف ، وهو أبسط من التبيان الّذي هو للشيخ
الطوسي. راجع مستدرك الوسائل [ ج ٣ ص ٥١٠ ] ( مجد الدين ).