المباحث المتعلّقة
بالنهي منها ما يتعلّق بحقيقته ، ومنها ما يتعلّق بالدالّ عليه ، ولمّا كان شريك
الأمر في كون كلّ منهما طلبا ، إلاّ أنّ هذا طلب الترك ، وذاك طلب الفعل ، يظهر
الحال في أكثر المباحث المتعلّقة بالقسم الثاني ـ كالمباحث المتعلّقة بمطلق الطلب
ـ بما تقدّم في مباحث الأمر.
١ ـ فإذن ، النهي
بمادّته وصيغته موضوع لطلب ترك متعلّقه ولو كان تركا ، ومستعمل فيه وإن كان بدواع
أخر غير الطلب.
ويحمل مجرّده على
عدم الرضا بالفعل ( الحرمة ) لا لوضع اللفظ له ، ولا لخصوصيّة فيه من قرينة ونحوها
، بل لتمام الحجّة به وعدم صحة اعتذار المنهي إذا ارتكبه باحتمال كونه للكراهة.
ولذا يجري عمدة ما
ذكروه في حمله على التحريم من ذم العقلاء على المخالفة ، وحكمهم باستحقاق العقاب
عليها في غير الألفاظ ، كما تقدم.
٢ ـ ويعتبر فيه
كالأمر صدوره ممّن تلزم إطاعته ولو ادّعاء بجهة من الجهات من حيث إنه واجب الإطاعة
، ولا يكفي مطلق العلوّ ولا الاستعلاء إن لم يرجع إلى ادّعاء العلوّ ، ولا ممّن
تجب إطاعته إذا لم يصدر من جهة وجوب الإطاعة ، ولذا لا يصدق على نهي الملك لغير رعيّته
، والمولى لغير عبده ، ولا على نهي من تجب طاعته إذا لم يصدر من تلك الجهة ، ولذا
قال صلّى الله عليه وآله في جواب بريرة لمّا قالت : أتأمرني يا رسول الله؟ : « لا
، بل أنا شافع » [١].
واعتبر بعضهم فيه
ـ كالأمر ـ العلوّ والاستعلاء معا ، وخصّه بكل منهما
[١] سنن الدار قطني
٣ : ٢٩٤ ـ ١٨٣ ، صحيح البخاري ٧ : ٦٢ ، سنن ابن ماجة ١ : ٦٧١ ـ ٢٠٧٥.