ورود [٢] الأمر عقيب الحظر ، بل عقيب توهمه ، قرينة [٣] غالبية على عدم كونه للوجوب ، فلا يحمل عليه إلاّ بدليل أو قرينة معارضة
قويّة ، ويكون مفاده حينئذ رفع الحظر السابق ، وفرضه كالعدم ، ولازم ذلك غالبا
رجوع الحكم الأول ، فيجب إن كان قبل واجبا ، كقوله تعالى : ( فَإِذَا
انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ )[٤] ويجوز إن كان جائزا مثل : ( وَإِذا حَلَلْتُمْ
فَاصْطادُوا )[٥]( فَإِذا تَطَهَّرْنَ
فَأْتُوهُنَ )[٦].
وبهذا يظهر لك ما
في القول المشهور من المسامحة ، وهو كونه للإباحة وتستغني به عن التفصيل الّذي
اختاره في الفصول ، وهو أنّ حكم الشيء قبل الحظر إن كان وجوبا أو ندبا كان الأمر
الوارد بعده ظاهرا فيه ، فيدل على عود الحكم السابق ، وإن كان غيره كان ظاهرا في
الإباحة ، فكلام المشهور صحيح فيما إذا كان الحكم السابق الإباحة ، ولكنه ليس لكون
الأمر للإباحة ، ولا يصحّ في غيره ، وما ذكرناه جامع لكلا شقّي التفصيل.
ولا يخفى أنّ هذا
لا يختص بالأمر ، بل يشاركه فيه النهي الوارد بعد الأمر ،