ومنه يظهر وجه
التأمل فيمن جمع بين اعتبارهما معا كما ذهب إليه بعض المتأخرين ، وحكاه عن جماعة ،
والظاهر أن ألفاظ هذا القسم ولا سيّما لفظ الأمر منها لها ظهور قوي في الوجوب ،
حتى أنّ كثيرا من القائلين باشتراك الصيغة بين الوجوب والندب يقولون باختصاص لفظ
الأمر بالوجوب ، والدليل عليه الفهم العرفي لا بعض الاستعمالات الواردة في الكتاب
والسنة ، كما استدلّ به في الفصول [١] ، وتبعه فيه بعض
الأساتيذ ، لوجوه شتّى لا يخفى شيء منها على المتأمّل ، كما اعترف ببعضه.
وأما القسم الثاني
فهو الّذي يسمّى في اصطلاح الأصوليين بصيغة الأمر ، وهذا مراد من جعل العنوان صيغة
افعل ، وما في معناها ، ولعلّه عدل عنه لئلا يوهم أنّ المراد لفظ الأمر ، كما ذكره
في الفصول ، وأورد عليه بأنه يتناول ما دلّ على معناه ولو مجازا ، وهو خارج عن
المبحث قطعا [٢].
ولم يظهر لي وجه
خروج ذلك عن المبحث ، فضلا عن القطع به ، إذ البحث في مدلول الهيئة ، والهيئة في
مثل قولك : اقتله. أي اضربه ضربا موجعا ، مستعملة في معناها الحقيقي ، ولا مجاز
فيه إن قلنا به إلاّ في المادة ، وهو إرادة الضرب من القتل ، ومثل هذا داخل في محل
النزاع قطعا.
اللهم إلاّ أن
يريد به الجمل الإخباريّة المستعملة في الإنشاء ، فإن كانت خارجة عن مورد النزاع
فهي أيضا خارجة عن معنى افعل.
وأما القسم الثالث
فقد جزم في الفصول بخروجه من محل النزاع لفظا وإن دخل فيه معنى [٣].
أقول : وهذا حسن
لو كان الكلام في مدلول هيئة المشتقات ، كما هو ظاهر