التوصل إلى الصلاة مخالف لإتيانه بالطهارات لأجل التوصّل إليها، فإنّ فيها يقصد التعبّد بها و يجعل ما هو عبادة وسيلة للتوصل إلى الغايات، فيأتي بالوضوء المتقرب به إليه تعالى للصلاة، و إن كان غافلا عن أمره النفسيّ، لكنّه غير غافل من التعبّد و التقرب به، و لا يحتاج في عباديّة الشيء و وقوعه صحيحا- زائدا عن قصد التقرب بما هو صالح للتعبد به- إلى شيء آخر، فالأمر النفسيّ المتعلّق بذي المقدّمة يدعو إلى الوضوء بقصد التقرب، فإنّه مقدّمة للصلاة، فلا محالة يأتي المكلّف به كذلك.
و بما ذكر ينحلّ جميع الشبهات المتقدمة، لأنّ ترتب الثواب لأجل إتيانها على وجه العبوديّة، و شبهة الدور إنّما تردد لو قلنا بأنّ عباديّتها موقوفة على الأمر الغيري.
ثم إنّ هاهنا أجوبة غير تامّة في نفسها أو غير دافعة لجميع الشبهات، لا داعي لذكرها و ما فيها بعد تحقيق الحقّ.
و ما ذكرنا يقرب ممّا ذكره المحقّق الخراسانيّ [1]، و إن اختلف معه من بعض الجهات، و يسلم عن بعض المناقشات الواردة عليه.
التنبيه الثالث: في منشأ عباديّة الطهارات:
قد ظهر ممّا مرّ: أنّ الطهارات بما هي عبادات جعلت مقدّمة للصلاة و أما صيرورتها عبادة بواسطة الأمر الغيري أو النفسيّ المتعلق بذي المقدّمة