ثمّ إنّه قد يتشبّث لاستفادة الفوريّة بأدلّة النقل [1]، مثل قوله تعالى-:
فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ^[2]، و قوله: سارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ[3].
و فيه: أنّ الظاهر من مادّة «الاستباق» و هيئة «المسارعة» هو أنّ الأمر متوجّه إلى تسابق المكلّفين بعضهم مع بعض إلى فعل الخيرات، و إلى مغفرة من ربّهم، و مع حفظ هذا الظهور لا بدّ من حمل الخيرات و أسباب المغفرة على ما لو لم يسبق المكلّف إليه لفافته بإتيان غيره، مثل الواجبات الكفائيّة و الخيرات التي لا يمكن قيام الكلّ بإتيانها، و معه يكون الأمر للإرشاد لا للوجوب، فإنّ الاستباق و المسارعة في مثلها غير واجب بعد ما قام بأدائها شخص أو أشخاص.
و هذا الحمل أولى من رفع اليد عن ظهور الصدور و الأخذ بظهور الذيل و لا أقل من الإجمال مع عدم دلالة آية المسارعة على العموم.
و ما قيل: من أنّ توصيف النكرة بقوله: مِنْ رَبِّكُمْ يفيد العموم [4]،
[1] أورد الاستدلال للفوريّة بأدلّة النقل في مبادئ الوصول إلى علم الأصول: 102، و معالم الدين: 53، و قوانين الأصول 1: 97- سطر 17- 20، الفصول الغروية: 75- 76.