و الموضوع للمعنى الآخر أو المعاني الأُخر هو لفظ الأمر جامداً كلفظ إنسان و شجر، فلا معنى للاشتراك فيه، و لعلّ من ذهب إليه كان ممّن يرى المصدر مادّة المشتقّات، و جرى غيره على منواله من غير توجّه إلى تاليه.
و ممّا ذكرنا يتّضح فساد القول بالاشتراك المعنويّ بين المعنى الحدثيّ و غيره [1]. مضافاً إلى أن الجامع بينهما لا يكون حدثيّا، فلا يمكن منه الاشتقاق إلاّ بنحو التجوز، و هو كما ترى.
تنبيه:
المتبادر من مادّة الأمر المستعملة في المشتقّات هو المعنى الجامع بين هيئات الصيغ الخاصّة بما لها من المعنى، لا الطلب- إلاّ أن يراد به ما ذكرناه، و عليه فلا إشكال في الاشتقاق أصلاً- و لا الإرادة المُظهرة و لا البعث و أمثالها.
و لا يبعد أن يكون المعنى الاصطلاحيّ مساوقاً للُّغوي، أي لا يكون له اصطلاح خاصّ، فإذا قال: «اضرب زيداً» يصدق على قوله «أمرَه»، و هو غير «طلب منه» أو «أراد منه» أو «بعثه»، فإنّها غير الأمر عرفا.
فمادّة الأمر موضوعة لمفهوم اسميّ منتزع من الهيئات بما لها من المعاني، لا بمعنى دخول المعاني في الموضوع له، بل بمعنى أنّ الموضوع له جامع الهيئات الدالّة على معانيها، لا نفس الهيئات و لو استعملت لغواً أو في غير معناها، فالمعنى مفهوم اسميّ مشترك بين الهيئات التي هي