هو المراد من جعله قالباً و فانياً و مرآةً و وجهاً و عنواناً للمعنى إلى غير ذلك من التعبيرات، فلا دليل على امتناع كون شيءٍ واحدٍ قالباً لشيئين أو فانياً فيهما، أي يكون اللفظ منظوراً به و المعنيان منظوراً فيهما، و ان كان المراد شيئاً آخر فلا بد من بيانه و وجه امتناعه.
و أمّا فناء اللفظ بحسب وجوده الواقعيّ في المعنى بحيث لا يبقى واقعاً إلاّ شيئيّة المعنى فهو أمر غير معقول؛ لأنّ اللفظ له فعليّة، و ما كان كذلك لا يمكن أن يفنى في شيء، و ما قرع بعض الأسماء من الفناء في بعض الاصطلاحات [1] فهو أمر موكول إلى أهله، غير مربوط بمثل المقام.
الثالث: أنّ حقيقة الاستعمال إيجاد المعنى في الخارج باللفظ؛ لأنّ اللفظ وجود حقيقيّ لطبيعيّ اللفظ بالذات، و وجود تنزيليّ للمعنى بالجعل و التنزيل، و حيث إنّ الموجود الخارجيّ بالذات واحد فلا مجال لأن يقال: بأنّ وجود اللفظ وجود لهذا المعنى خارجاً و وجود آخر لمعنى آخر؛ حيث لا وجود آخر ينسب إلى الآخر بالتنزيل [2].
و فيه: أنّ هذا أشبه بالخطابة من البرهان؛ فإنّ معنى كون اللفظ وجوداً للمعنى أنّه لفظ موضوع له؛ و لا يلزم من وضعه للمعنيين أو استعماله فيهما كونه موجودين و له وجودان.