responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مفاتيح الأصول المؤلف : المجاهد، السيد محمد    الجزء : 1  صفحة : 61
الوجه نظر فإنّ مجرّد وقوع الخلاف لا يمنع من تحقّق التواتر فإنّ المخالف قد ينكر لسبق شبهة و لذا اشترط المرتضى في التواتر عدم سبق شبهة و استحسنه كثير من المحقّقين و بالجملة إنكار وقوع المتواتر من اللّغات فاسد جدّا و التّشكيك فيه تشكيك في مصادمة الظاهر و مدافعة البديهة فإنّا نقطع بأنّ من اللّغة و النّحو و التصريف ما هو متواتر بعينه و ثانيهما ما لا يفيد العلم و هو الّذي ينقله الآحاد كابن الأثير و الفيروزآبادي و سيبويه و الأخفش و نحوهم و هل هو حجّة في الجملة أو لا مطلقا اختلف فيه الأصوليّون فذهب شاذّ إلى الثاني كما يستفاد من بعض الأصوليّين و لكنّي لم أعرفه و ذهب المعظم إلى الأوّل و هو المعتمد و لهم وجوه الأوّل أنّه قد يفيد الظنّ فيكون حجّة لأصالة حجيّة الظّن في اللّغات لا يقال لا نسلّم إفادة شي‌ء منه الظنّ لأنّ خبر الواحد إنّما يفيد الظنّ لو سلّم عن المعارض و القدح في النّاقل و هو هنا ممنوع فإن أجل ما صنف في اللّغة كتاب سيبويه و كتاب العين و قدح الكوفيّين في كتاب سيبويه و في مصنّفه ظاهر و قدح البصريّين في الكوفيّين ظاهر كعكسه و اتّفق جمهور أهل اللّغة على القدح في كتاب العين و أورد ابن جنّي في الخصائص في قدح أكابر الأدباء بعضهم في بعض بابا و بابا آخر في أنّ لغة أهل الوبر أص حّ من لغة أهل المدر و غرضه القدح في الكوفيّين و بابا آخر في الغريب لم يعلم إلاّ من ابن أحمد الباهلي و روي عن رؤبة و ابنه أنّهما ارتجلا ألفاظا لم يسبقهما إليها و كذا قال المازني ما قيس على كلام العرب فهو من كلامهم و نسب الأصمعي إلى الخلاعة زيادة ألفاظ في اللّغة لم تكن و عن ابن جنّي أنّ الشعر علم قوم لم يكن لهم علم أصحّ منه فتشاغلت العرب عنه بالجهاد بعد ظهور الإسلام فلمّا اشتهر و رجعت إلى أوطانهم راجعوا إلى الشّعر و قد هلك أكثر العرب و لا كتاب هناك يرجع إليه و عن يونس و أبي عمرو أنه ما انتهى إلينا مما قالت العرب إلا أقلّه و أيضا الغالب على أهل اللّغة فساد المذهب و انتفاء العدالة و مع ذلك فلا يؤمن عليهم من تعمّد الكذب و الوضع إذا تعلّق بذلك الأغراض الفاسدة فإن تحاسد الأدباء و تنافسهم في القرب من السّلاطين و الأمراء أمر معلوم ظاهر جلي و قصّة سيبويه و الكسائي مشهورة و قد قيل إنّ العرب رشوا في موافقة الكسائي أو إنّهم علموا بمكانه عند الرّشيد فوافقوه لأنّا نقول منع حصول الظنّ من خبر الواحد اللّغوي مطلقا مكابرة واضحة مناقشة فاسدة بل الغالب فيه حصول الظنّ خصوصا من المشاهير و المعتمدين كابن الأثير و الفيروزآبادي و سيبويه و الكسائي و نحوهم و الأمور المذكورة لا تصلح لدفع ما ذكر جدّا و لا يقال لا نسلّم حجيّة الظنّ المستفاد من ذلك بل مقتضى العمومات النّاهية عن العمل بالظنّ و غير العلم من الكتاب و السنّة عدم الحجيّة لأنّا نقول المنع من حجيّة ذلك لا وجه له بعد قيام الدليل القاطع عليه و سيأتي إليه الإشارة إن شاء الله و به يندفع العمومات المذكورة لو سلّم شمولها له الثّاني الإجماع و إطباق العلماء في جميع الأعصار على حجيّة خبر اللّغوي و اعتباره من غير توقّف و لا إنكار كما أشار إليه السيّد الأستاذ رحمه الله و الفاضل الخراساني على الظاهر فقال الأوّل فإنّ المفسرين و المحدّثين و الأصوليّين و الفقهاء و الأدباء على كثرتهم و اختلاف علومهم و فتواهم لم يزالوا في وضع اللّغات و تعيين معانيها يستندون إلى أقوال اللغويّين و يعتمدون عليها و يراجعون الكتب المدوّنة فيها قد جرت بذلك عادتهم و استمرّت طريقتهم حتّى أنّهم في مقام التخاصم و النّزاع في اللّغة إذا استند أحدهم إلى نصّ لغويّ يوافق مقالته التزم به الخصم أو عارضه بنصّ آخر يقابله و لم يقل هذا خبر واحد و هو لا يفيد الظنّ و على تقدير إفادته الظّن فلا عبرة به إذ الحجّة هو القطع دون غيره و لو لا أنّ حصول الظنّ و الحجيّة من الأمور المقرّرة المعلومة لديهم بل الضرورية عندهم لما أمسكوا عن النكير فإنّ العادة قاضية بذلك في مقام التّشاجر و التّنازع و لقد طال ما وقع التّخاصم بينهم فلم يخرجوا على ما ذكرنا من القبول و الإذعان أو الإتيان بالمعارض كما لا يخفى على من له أدنى تتبّع و بالجملة فاعتماد العلماء على اللّغة و استنادهم إليها أمر بيّن يكفي العيان به عن مئونة البيان و أغنت جلية الشّأن فيه عن إقامة الحجّة و البرهان و حسبك في ذلك اعتناء الأكابر و الأعاظم بجمع اللّغة و ضبطها و تدوينها و حفظها حتّى صنّفوا فيها الكتب المشهورة و المؤلّفات المعروفة و ما فعلوا ذلك إلاّ لتكون الكتب المؤلّفة في هذا الفنّ مرجعا لمن بعدهم و منهلا لمن يأتي من الفضلاء و الأدباء ليأخذوا منها و يصدروا عنها و المقصد الأسنى من التّصدي لهذا الجمع و التّأليف هو مثرح القرآن و الحديث و حلّ ما فيها من الألفاظ المشكلة و اللّغات العربية على ما صرّحوا به في خطبهم و مفتح كتبهم و دل على إطرائهم في وصف اللّغة و فضيلته و ذكر مزاياه و خصائصه فإنّا بأسرها راجعة إلى أمر واحد هو تيسّر فهم الكتاب و السنّة بهذا الفنّ و لذا اقتصر كثير من أهل اللّغة كأبي عبيد و المازني و قطرب و أبي عبيدة و ابن قتيبة و البستيّ و الهروي و ابن الأثير و غيرهم على إيراد غريب القرآن و الحديث و غريب الحديث وحده و لم يتعرّضوا لما سوى ذلك لحصول الغرض بهذا

اسم الکتاب : مفاتيح الأصول المؤلف : المجاهد، السيد محمد    الجزء : 1  صفحة : 61
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست