responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مفاتيح الأصول المؤلف : المجاهد، السيد محمد    الجزء : 1  صفحة : 222
غاية هذا الظن بالإرادة لا دليل على اعتباره كلّية و إنما القدر الثابت في الدلالة المطابقية بالإجماع و لا إجماع هنا فإن جماعة منهم السّيّد على عدم اعتبار المفاهيم كلّية و ليس ذلك لمنع انتقال الذهن إلى المسكوت عنه اللازم فإن ذلك بعيد جدّا بل لأجل ما ذكرناه و قد يجاب بأن إنكار الدلالة الالتزامية رأسا مقطوع بفساده فإنه خلاف المعهود من طريقة العلماء قديما و حديثا و خلاف المتعارف عند أهل اللسان و كفاك شاهدا حصر المنطقيّين و البيانيين و الأصوليين دلالة الألفاظ في المطابقة و التضمن و الالتزام إذ لو لا اعتبار الدلالة الالتزامية لما حسن منهم ذلك و لا جعله تاليا للدلالة المطابقية و التضمنية المعتبرة قطعا و تنقيح المرام في هذا المقام يستدعي بسطا في الكلام فنقول و باللّه التوفيق و الاعتصام لا شكّ و لا شبهة في أن اللازم في الدّلالة الالتزامية ثبوت التلازم بين الملزوم و لازمه قطعا و كونه بحيث يلزم من تحقق الملزوم تعقل اللازم و يكون الالتفات إلى الثاني الالتفات إلى الأول و لكن مجرّد هذا غير كاف في الدلالة الالتزاميّة المعتبرة بل لا بد فيها من أن يكون اللّفظ الموضوع للملزوم ممّا يقصد به الإشارة إلى لازمه في عرف أهل اللسان و يكون ذلك أصلا عندهم في اللّفظ الموضوع للملزوم القصد إلى معناه الحقيقي و حينئذ يكون المتعلق باللازم مستفادا من الخطاب و يكون مدلولا لفظيا و يجري فيه ما تترتب على اللغات و لو لا هذا لم يكن هناك دلالة التزامية إذ مجرد التلازم لا يقتضي إرادة المتكلم اللازم في خطابه فإنا نجد كثيرا مّا التلازم بين الشيئين و مع ذلك نقطع بأن المتكلم لم يتصور اللازم فضلا عن أن يقصد اللازم من خطابه نعم مجرّد التلازم إنما ينفع من حيث الدلالة العقلية لا الدلالة الخطابية الّتي يستكشف بها مراد المتكلّم من خطابه فإذا كان المقام مما يقصد فيه إثبات شي‌ء من جهة العقل باعتبار التلازم يعتبر أن يكون التلازم إما عقليا و هو الذي يستحيل معه عقلا انفكاك اللازم عن الملزوم كما في التلازم بين نفي الماهية نحو لا صلاة إلا بطهور و نفي الإفراد و وجوب المقدمة و ذيها و الأمر بالشي‌ء و النهي عن ضده على بعض الأقوال أو شرعيا و هو الذي لا يمكن شرعا انفكاك اللازم عن ملزومه أصلا أو في الغالب فلا يمكن الاستدلال به في مقام تأسيس حكم شرعي إلا إذا أفاد ظنا و قلنا بأنّ الأصل في كل ظنّ الحجية و لو اشتبه عليك ما قلناه فنوضحه لك بالمثال فنقول إذا أمر الشارع بشي‌ء له مقدمة و علمنا بالتلازم بين الأمر بها و بين الأمر بذيها فبمجرّده لا يمكن الحكم بأن المقدمة مأمور بها بل لا بد من أن يلحظ فإن كان التلازم بين الأمر بذي المقدمة و الأمر بها عقليا أي أن العقل يمنع من تصور انفكاك الأمر بذيها عن الأمر بها فحينئذ نحكم بأن الأمر بذي المقدمة أمر بها بناء على كون العقل من جملة أدلة الأحكام و إن كان تلازما عاديا بمعنى أنه لم يتحقق قطعا أي غالب الأمر بذي المقدمة منفكا عن الأمر بها و لكنه يجوز عقلا فهذا لا يمكن الاستدلال به في مقام الشك في تعلق الأمر بها بعد ثبوت الأمر بذيها فإن مجرد عدم الانفكاك العادي لا يؤثر إلا إذا أفاد الظن و كان حجة و لعل من لم يعتبر المفاهيم زعم أن التلازم بين المفاهيم و المناطيق ليس عقليا أو لا شرعيا و لا هو من مدلول الخطاب بل هو شي‌ء اتفق عادة و هو غير معتبر في استنباط الحكم الشرعي و لكنه ليس كما ظن فإنا نجزم بأن من المفاهيم ما يقصد من الخطاب و المنطوق الإشارة إليه و يكون من مدلوله الالتزامي في عرف أهل اللسان و لا يقدح حينئذ عدم التلازم عقلا أو شرعا كما توهمه المانعون من حجيّة المفاهيم كما يظهر من دليلهم لأنه إذا علم أن أهل اللسان جعلوا ذلك الخطاب أصلا في الإشارة إلى اللازم كفي في الاعتبار و الحجية قطعا لما ثبت من أن المعتبر في باب اللغات هو ما تعارف عليه أهلها و بالجملة أن بين التلازم الخطابي و التلازم العقلي و الشرعي عموما و خصوصا من وجه فقد يتحققان معا كما في نحو لا صلاة إلا بطهور فإن نفي الماهية مستلزم لنفي الإفراد عقلا و كذا يقصد من الخطاب الإشارة إليه لغة بمعنى ادعى بعضهم أنه موضع له و قد يشار به إلى اللازم و قد يتخلف الثاني عن الأول كما إذا كان اللازم عقليا أو شرعيا و لم يكن الخطاب في عرف أهل اللسان أصلا في الإشارة إلى لازمه فإذا أريد الاستدلال على الحكم الشرعي من جهة الملازمة فلا بد أن يلحظ فإن كان المقصود إثبات الملازمة الخطابية و أنه مما أشار إليه المتكلّم و قصد بخطابه كما في باب المفاهيم فلا بد من إثبات كون التلازم من جهته و أن الخطاب قد صار أصلا في الإشارة إلى اللازم و لا ينفع حينئذ ثبوت التلازم العقلي أو الشرعي بمجردهما و لا يقدح عدمهما و إن كان المقصود إثبات الملازمة العقلية أو الشرعية فلا بد من إثبات عدم انفكاكها عقلا أو شرعا و لا يجدي مجرّد ثبوت التلازم الخطابي و إن كان المقصود إثبات الملازمة الّتي تكون حجة كان أحد الأمرين كافيا و مما ذكر يظهر الجواب التفصيلي عن جميع الوجوه السّابقة القول في المجمل مقدّمة

اسم الکتاب : مفاتيح الأصول المؤلف : المجاهد، السيد محمد    الجزء : 1  صفحة : 222
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست