responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مطارح الأنظار المؤلف : الشيخ مرتضى الأنصاري    الجزء : 1  صفحة : 89
العقاب رأسا و الجواب عن ذلك أما أولا فبأنه لم يعقل لنا الفرق في جريان الدليل بين القول بوجوب المقدمة و القول بعدم وجوبها إذ للمتعرض أن يقول إن الطالب لشي‌ء على تقدير تعلق طلبه بمقدماته إما أن يريد ذلك الشي‌ء على تقديري الوجود و العدم بالنسبة إلى الأمور المطلوبة الموقوف عليها أو على تقدير الوجود فقط فعلى الأول يلزم عدم العقاب على الواجب المطلق و على الثاني يلزم التكليف بالمحال لا يقال ما ذكر غير موجه على القول بالوجوب إذ الإرادة المتعلقة بذي المقدمة متعلقة بعينها بالمقدمات فيكون على القول بالوجوب بمنزلة نفس الواجب فلا يصح الاستفسار المذكور كما عرفت نظيره في الإجزاء لأنا نقول لا يخفى على أوائل العقول فساد هذه المقالة إذ كيف يصح تعلق صفة واحدة بأمرين مع اختلافهما في الموصوفية بهما كأن يكون اتصاف أحدهما بها بواسطة اتصاف الآخر بها و لم يكن أحدهما في عرض الآخر نعم يصح ذلك فيما إذا كانت نسبتها إلى أحدهما حقيقة و إلى الآخر نسبة عرضية مجازية و بعبارة أخرى أن وجوب المقدمة موصوف بالغيرية و وجوب ذيها موصوف بالنفسية و هذان الوصفان متضادان و لا يعقل أن يكون وجوب شخصي واحد موصوفا بهما و من هنا تعرف فساد ما أورده في الأجزاء لأن الإرادة المتعلقة بالجزء من حيث هو جزء لا بد و أن يكون غير الإرادة المتعلقة به من حيث إنه متحد مع الكل فيصح الاستفسار غاية ما في الباب أن الوجوب النفسي ثابت للجزء من حيث كونه في ضمن الكل كما نبهنا عليه فيما تقدم فإن قلت فرق بين اشتراط الشي‌ء بأمر جائز و بين اشتراطه بأمر واجب فإن الأول لا يعقل العقاب فيه أمّا على المشروط فلانتفاء الشرط و أما على الشرط فلكونه جائزا بخلاف الثاني فإن فيه العقاب قطعا قلت ذلك واه جدّا إذ الكلام في صحة العقاب على المشروط و العقاب على ترك واجب و هو الشرط مما لا مدخل في العقاب في واجب آخر و هو المشروط إلا بالقول بأن المقدمة واجبة دون ذيها و فساده غني عن البيان و أما ثانيا فبأنه لو صح ما ذكر في الاستدلال لزم أن لا يقع الكذب في الأخبار المستقبلة و التالي باطل و المقدم مثله بيان الملازمة أنه لو أخبر المخبر بأني غدا أشتري اللحم مثلا فعلى تقدير عدم الاشتراء لا سبيل إلى تكذيبه إذ له أن يقول إن الإخبار بشراء اللحم إما أن يكون على تقدير إيجاد جميع المقدمات أو الأعم من ذلك و عدمها لا سبيل إلى الثاني لأوله إلى الإخبار عن أمر ممتنع و لا إلى الأول لأوله إلى الإخبار بشراء اللحم على تقدير وجود المقدمات و المفروض عدم واحدة منها إذ لا أقل من ذلك و أما بطلان التالي فهو مما لا ينبغي الارتياب فيه ضرورة صحة التكذيب في مثل الأخبار المذكورة و أما ثالثا فبأن الوجه المزبور لو تم لدل على انتفاء الواجب المطلق حيث إن عدم المقدمة لما كان من جملة الأحوال التي امتنع صدور المقدمة على تقديرها لم يصح وجوبه بالنسبة إليه و لا مدخل لوجوب المقدمة في ذلك و أما رابعا فبالحل فنختار من شقي الترديد تارة أوّلهما و هو وجوب الواجب على تقدير وجود المقدمة و عدمها و أخرى ثانيهما و هو الوجوب على تقدير الوجود خاصة و بيان ذلك أن التقديرين المذكورين إن لوحظ بالنسبة إلى الوجوب فنحن نختار الإطلاق فالوجوب غير مشروط بشي‌ء من التقديرين و حاصله أن الفعل واجب بمعنى اتصافه بالمطلوبية و كونه متعلقا للإرادة سواء وجدت المقدمة أو عدمت لأن الكلام في المقدمات الاختيارية التي يمكن أن يكون الوجوب بالنسبة إليها مطلقا و لا يلزم منه ارتفاع العقاب على الواجب المطلق إذ عند عدم المقدمة يستحق العقاب على نفس الفعل كما هو قضية الإطلاق إن لوحظا بالنسبة إلى الواجب فنحن نختار الشق الثاني و هو الوجوب على تقدير وجود المقدمة و لا غائلة فيه إذ مرجع التقدير إلى وجوب الواجب الذي لا يحصل إلا بعد وجود المقدمة و قضية ذلك هو إيجاد المقدمة أيضا تحصيلا للواجب المأمور به إذ على تقدير الإخلال بها يحصل فيه العصيان و بذلك يستحق العقاب قال المحقق الخوانساري بعد ما ذكرنا من النقض بالأخبار المستقبلة و الحاصل أن تلك التقادير مما يتوقف عليه وجود تلك الأشياء في الواقع و أما الإخبار عن وجودها أو طلبها فلا يلزم أن يكون مشروطا بها و هو ظاهر فتدبر انتهى السابع ما نقل عن المحقق المذكور أيضا و هو أن حقيقة التكليف عند العدلية هي إرادة الفعل عند الابتلاء بشرط الإعلام فالذي عليه مدار الإطاعة و العصيان هي الإرادة المتعلقة و الألفاظ إنما هي أعلام دالة عليها و العلامة قد يكون شيئا آخر من عقل أو نصب قرينة و ذهبت الأشاعرة إلى أن التكليف لا يستلزم الإرادة و لا الدلالة عليها بل الطلب الذي هو مدلول صيغة الأمر شي‌ء آخر وراء الإرادة يسمونها كلاما نفسيّا و عند المعتزلة أنه ليس هنا معنى يصلح لأن يكون مدلول صيغة الأمر إلاّ الإرادة و قد طال التشاجر و امتد النزاع بينهما و الصواب مختار العدلية و تمام الكلام في ذلك متعلق فن الكلام و لا يسعه المقام و ظني أنه يكفيك مئونة التشاجر أن تراجع وجدانك عند حصول الأمر هل تجد في نفسك كيفية أخرى تصلح لأن يكون مدلول الصيغة أم لا فإنك عند التأمل في النفس و الكيفيات و الهيئات لم تجد شيئا كذلك إلى أن قال فإذا ثبت أن إيجاب الشي‌ء يستلزم إرادته و نحن نعلم قطعا أنه إذا تعلق الإرادة الحتمية بوجود الشي‌ء و نعلم أنه لا طريق إليه إلا بإيجاد شي‌ء معين لا يمكن أن يحصل إلاّ به لتعلق الإرادة الحتمية بإيجاد ذلك الشي‌ء البتة و هذا بديهي بعد ملاحظة الطرفين و تجريدها عن العوارض و إن حصل التوقف في بادي النظر و إذا ثبت أن إيجاب الشي‌ء يستلزم الإرادة المتعلقة بمقدماته فيكون المقدمة واجبة إذ ليس الوجوب عند الأصحاب إلا هذا انتهى و الإنصاف أن ما ذكره في هذه الحجة من إحالة الأمر إلى الوجدان الصحيح كلام يلوح منه أثر

اسم الکتاب : مطارح الأنظار المؤلف : الشيخ مرتضى الأنصاري    الجزء : 1  صفحة : 89
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست