responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مطارح الأنظار المؤلف : الشيخ مرتضى الأنصاري    الجزء : 1  صفحة : 130
عقلا أيضا في هذا الموضوع فظهر أيضا أن نسبة عدم الجواز إلى العرف ليس إلا بواسطة استفادة العرف موضوعا من اللفظ الوارد في مقام الأمر و النهي يحكم فيه العقل بالامتناع و ليس المراد هو أن العرف حاكم بعدم الجواز في مقابل العقل كما ظنه بعض عوام الطلبة و بالجملة فالحاكم دائما هو العقل و العرف أيضا لا يمكن تخلفه عن العقل من حيث الحكومة نعم ليس العقل مستقلا في كيفية استفادتهم المطالب من الألفاظ بمعنى عدم الاكتفاء به فيها بل لا بد مع ذلك من العلم بالوضع و كيفيات الاستعمالات في الموارد الخاصة المستندة إلى القرائن المقالية و الشواهد المقامية و نحوها و أمّا في غير هذه الجهة فلا مجال لغير العقل فيها كما يظهر في الحكم بالمجاز و التخصيص و التقييد كما في قولك رأيت أسداً يرمي فإن العرف بعد استفادة معنى الأسد حقيقة و استفادة معنى يرمى يحكمون بواسطة عقولهم بالتناقض و التعارض بين المرادين ثم يستخرجون المراد منهما بتقديمهم الظهور الثابت في القرينة على الظهور الناشئ من الوضع لكونه أظهر منه و هذه هي الطريقة المستقرة في استخراج المطالب من العبائر و استكشاف المرادات من الضمائر و ذلك نظير ما قلنا في بحث المقدمة عند الاستدلال على وجوبها بعدم جواز التصريح بجواز تركها حيث إن المنساق من التصريح المذكور عرفا هو جواز الترك من كل الحيثيات و المقصود جواز تركها من حيث نفسها فلا يمكن التصريح به لأجل هذه الحزازة لا من حيث إن المقدمة واجبة و الحاصل أن التفصيل المذكور ليس تفصيلا في الحاكم بل إنما هو حكم من حاكم واحد في موضوعين مختلفين و ستطلع بعد ذلك على وجوه فساده إن شاء اللَّه تعالى الثالث في بيان ثمرة النزاع و اعلم أنه لما كانت هذه المسألة من المبادي فالوجه أن يظهر الثمرة في مسألة أصولية و هي أن الأمر و النهي في مورد الاجتماع هل هما متعارضان إذ لا تعارض بينهما فعلى القول بالامتناع فالتعارض ثابت و على القول بالجواز فلا تعارض و يترتب على تلك المسألة استحقاق الثواب و العقاب و الصحة و الفساد و الموافقة و المخالفة فيما لو أتى المكلف بالفرد الجامع للعنوانين و على تقدير التعارض ففي العموم المطلق لا بد من تقديم جانب الخاص كما هو المقرر و في العموم من وجه لا بد من الأخذ بالمرجحات الداخلية كقلة أفراد أحد العامين فيما لو ساعد العرف عليه أو المرجحات الخارجية على اختلاف المشارب في تعارض الدلالتين و على تقدير عدم المرجح أو عدم الرجوع إليه في العامين من وجه فلا بد من الرجوع إلى الأصول العملية و قضية الأصل بعد التساقط هو الحكم بإباحة الكون المذكور و فساد الصّلاة لا يقال إنه لا مانع من صحة الصّلاة إلا احتمال النهي و بعد الحكم بالإباحة فالوجه صحة الصّلاة لأنا نقول إنه لا مانع من الحكم بالحرمة إلا من حيث إن الكون المذكور كون صلاتي و بعد الحكم ببطلانها فالوجه هو حرمة الكون و بعبارة واضحة أنّ تعارض الخطابين و سقوطهما في مورد الاجتماع اقتضى الرجوع إلى الأصول العملية و الأصل العملي بالنسبة إلى الغصب مثلا بعد عدم العلم بحرمته يقتضي الإباحة و في الصّلاة حيث إنها شك في سقوط المكلف به بالإتيان بهذا الفرد المشكوك وقوع الامتثال به نظرا إلى احتمال تعلق النهي به مع فرض سقوط الإطلاق من جانب الأمر يقتضي بقاء التكليف و عدم حصول الامتثال و الملازمة الواقعية بين الصحة و الإباحة لا يجدي في المقام بعد اختلاف مفاد الأصول فإن التفكيك في الأحكام الظاهرية غير عزيز كما هو ظاهر نعم لو كان في المقام إطلاق فمجرّد احتمال تعلق النهي لا يدل على المطلوب لأن الأصل عدمه إلا أن المفروض خلافه هذا على مذاق القائل بالاشتغال عند الشك في الشرطية و على القول بالبراءة فلا يبعد الحكم بالصحة إذ مرجع الشك إلى أن من شروط الصّلاة وقوعها في غير المكان المغصوب و أصالة البراءة عن الزائد يقضي بالصحة هذا و لكن ينبغي أن يعلم أن الأخذ بالمرجح من حيث الدلالة مثل تقديم الخاص على العام أو تقديم النهي على الأمر لقوة الدلالة لا يلازم مذاق المشهور المانعين حيث إنهم كما عرفت كلام المحقق الأردبيلي رحمه الله يقتصرون في التخصيص بصورة وجود النهي الفعلي و يحكمون بالصحة في صورة النسيان و الجهل و نحوهما و تخصيص العام بالخاص ليس من هذا القبيل بل مقتضاه خروج الفرد بجميع أحواله عن العام و يزيد إشكالا فيما لو قلنا بأن لا فرق بين العموم من وجه المتحقق في مثل الصلاة و الغصب و بين المتحقق في قولهم أكرم عالما و لا تكرم فاسقا فإن المعهود بينهم هو التخصيص مطلقا ثم إن ما ذكرنا كله فيما إذا لم يكن الشك في أصل مسألة الاجتماع و أما على تقدير الشك فيه فقد يقال إن الأصل هو الإمكان و قد عرفت في بعض مباحث الظن أنه لا يترتب على الإمكان الظاهري حكم نعم أصالة الإطلاق بالنسبة إلى دليل الأمر و النهي حاكمة في أمثال المقام إذ الشك أنما هو في مانع الإطلاق و الأصل عدمه و سيأتي لما تقدم زيادة توضيح و اللَّه الهادي و هو الموفق هداية في حجج المجوزين و هي أمور أحدها أنه لو لم يكن جائزا لكان بواسطة تضاد الحرمة و الوجوب إذ لا مانع سواه و هو لا يصلح للمنع و إلا لكان جاريا في جميع الأحكام لتضادها بأسرها مع أنه قد اجتمع الوجوب و الكراهة في كثير من الموارد كالصلاة في الحمام و المواطن و الوضوء بالماء المشتبهة بالغصبية إلى غير ذلك من الموارد و الوجوب مع الإباحة كالصلاة في الدار و الوجوب مع الاستحباب كالصّلاة في المسجد و المواضع المتبركة و أجيب عن ذلك تارة بالنقض بأن اللازم مما ذكرتم هو اجتماع الواجب التخييري الشرعي مع الحرام العيني أيضا مع أنه لا يلتزم به أحد من المجوزين و توضيحه هو أن المجوز لا يقول بعدم التضاد بين الأحكام بل إنما يقول بأن تعدد الجهة مجد في اجتماع المتضادين و الحرام مع الواجب التخييري العقلي لا يمتنع اجتماعهما من جهتين

اسم الکتاب : مطارح الأنظار المؤلف : الشيخ مرتضى الأنصاري    الجزء : 1  صفحة : 130
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست