responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مطارح الأنظار المؤلف : الشيخ مرتضى الأنصاري    الجزء : 1  صفحة : 119
القضاء و فساد الحاضرة قبل الإتيان بالفائتة مستندين إلى أخبار دالة على وجوب المسارعة إلى الفائتة و لم يعترض عليهم أحد من المتأخرين القائلين بعدم الفساد بأن النهي عن الضد المتولد من الأمر لا يقتضي الفساد بل أجابوا عنها بقدح الدلالة على الفورية أو بقدح السند فلذا قد صرح المحقق في محكي المعتبر بأن القول بالمضايقة يقتضي الحكم بتحريم جميع الأشياء قال فيما حكي عنه أن القول بالمضايقة يلزم منه منع من عليه صلوات كثيرة أن يأكل شيئا و أن ينام زائدا على الضرورة و لا يتعيش إلا لاكتساب قوت يومه له و لعياله و أنه لو كان معه ليومه حرم عليه الاكتساب و التزام ذلك مكابرة صرفة و التزام سوفسطائي و لو قيل قد أشار أبو الصلاح الحلبي إلى ذلك قلنا نحن نعلم من المسلمين كافة خلاف ما ذكره فإن أكثر الناس يكون عليهم صلوات كثيرة فإذا صلى الإنسان شهرين يومه استكثره الناس انتهى و يستكشف من كلامه هذا أنه لا مناص من الحكم بفساد الحاضرة قبل الفائتة على القول بالمضايقة مع أن اقتضاء النهي المتولد من الأمر المضيق الفساد لو كان عندهم محل مناقشة لكان الإشارة إلى منع الفساد من أمتن الدليل على الصحة اللَّهمّ إلا أن يكون نظرهم في خصوص حرمة الضد من الواجبات و المباحات لا في صحته و فساده إذا كان من العبادة و صرح ابن إدريس فيما حكي عنه بالفساد مستدلا بأن قبح ما يستلزم القبيح إجماعي و يظهر أيضا من كلماتهم في باب الدين أن النهي المتعلق بالعبادات من وجوب الأداء فورا يقتضي الفساد حتى أن العلامة قد صرح في محكي القواعد بفساد الصلاة في أول وقتها في حق من عليه الدين الواجب أداؤه فورا و بالجملة معظم الأصحاب سلفا عن خلف لا يناقشون في أمثال هذه المسائل في الكبرى يعني في كون النهي موجبا للفساد بل إنما يناقشون في الصغرى المراد بها ثبوت فورية المأمور به نعم قد صدر من المحقق الثاني في شرح القواعد قول بصحة العبادة و لو كان آثما في تقديمها على أداء الدين ثم تبعه بعض من متأخري المتأخرين كالشيخ الفقيه في كشف الغطاء و تبعه تلميذه الأصبهاني الشيخ محمد تقي في حاشيته على المعالم مع زيادة تحقيق منه في تصحيح ذلك ثم تبعهما أخوه الشيخ المحقق صاحب الفصول و غيره كصاحب القوانين و نحوه قال في كشف الغطاء في البحث عن المقدمات انحصار المقدمة في الحرام بعد شغل الذمة لا ينافي الصحة و إن استلزم المعصية و مراده أنه إذا عصى بترك المأمور به المضيق مثلا فأتى بالضد فلا ينافي ذلك صحة ذلك الضد إذا كان من العبادات قال و أيّ مانع من أن يقول الآمر المطاع لمأموره إذا عزمت على معصيتي في ترك كذا افعل كما هو أقوى الوجوه في حكم الجاهل بالقصر و الإتمام فاستفادته من مقتضى الخطاب لا من مقتضى الدخول تحت الخطاب فالقول بالاقتضاء أي اقتضاء الأمر بالشي‌ء النهي عن ضده و عدم الفساد و أقرب إلى السداد انتهى و قد ذكرنا هذه العبارة و غيرها في بحث مقدمة الواجب و بيّنا فسادها و فساد ما قيل في توجيهها و تشييدها من كلمات الشيخ في الحاشية و أخيه في الفصول بيان مشبع فلا نطيل بذكر ما فيها هنا بل نشير إجمالا إلى حاصل كلام الفاضل المحشي و نجيب عنها و حاصل كلامه أن تصادم الأمرين المضيقين من المستحيلات الأولية و لكن مصادمة الأمر المضيق و الأمر الموسع لا ضير فيها لأن مرجعه إلى وجوب الموسع على تقدير العصيان في ترك المضيق و وجوب المضيق مطلق و هذا لا عيب فيه لأنه ليس من التكليف بالأمرين في آن واحد و لا من التسوية بين المضيق و الموسع في الوجوب بل هو تقديم للمضيق على الموسع ثم بقاء وجوب الموسع على تقدير العصيان بترك المضيق و لا استحالة في ذلك و إنما الاستحالة في طلب شيئين في آن فلا بد من جعل الأمر فيها تخييريا عقليا هذا حاصل جميع كلماته تلويحا و تصريحا و أنت خبير بأن هذا كرّ على ما فرّ لأنا إذا قلنا ببقاء الأمر بالموسع على تقدير العصيان بالمضيق لزم أن يكون المكلف حال إتيانه بالموسع مكلفا بإتيانه و بإتيان المضيق أيضا لأن العصيان لا يوجب سقوط التكليف في ثاني زمان العصيان فيلزم اجتماع الأمرين في آن واحد و هو مستحيل باعترافه هذا مضافا إلى استلزام القول بصحة الموسع على تقدير العصيان اجتماع الأمر و النهي أي الوجوب و الحرمة في ترك المضيق من جهة كونه محرما ذاتا واجبا من باب المقدمة و الوصلة إلى الموسع و حاول الفاضل المحشي المحيص عن هذا الإشكال و لم ينل مقصوده فإنه باق كما كان و قد أوردنا كلماته و فسادها في مبحث المقدمة فارجع إليها و بالجملة لا ينبغي للمتأمل المنصف التأمل في الثمرة المزبورة و أن الضد على تقدير كونه من العبادات يكون فاسدا جدّا سواء قلنا بأن النهي هذا أصلي و نفسي أو قلنا بأنه تبعي و لا ينافي ذلك ما تقدم منا في مقدمة الواجب من أن الأمر الغيري لا يجعل الشي‌ء عبادة ما لم يكن فيه رجحان ذاتي و أنه لا يوجب صحة العبادة قبالا لقول من جعل صحة المقدمة العبادية و فسادها من الثمرات في وجوب المقدمة و عدمه و ذلك لأن الفرق بين الأمر و النهي واضح لأن النهي سواء كان غيريا أو نفسيا أصليا أو تبعيا فيه طلب ترك و طلب الترك لا يجتمع مع طلب الفعل فيكون باطلا بناء على اقتضاء النهي في العبادات الفساد بل يمكن الحكم بالفساد إذا كان من المعاملات أيضا بناء على اقتضاء النهي فيها أيضا الفساد و بالجملة هذه الثمرة على الظاهر لا إشكال فيها ثم إن الشيخ قد أحسن في الالتفات إلى الإشكال في مسألة الجهل بالقصر و الإتمام و نحوها كالجهل بالجهر و الإخفاء و لكنه ما أحسن في دفعه و وجه الإشكال على ما تفطن له الأستاذ ثم وجد تفطن الشيخ به أيضا أن ظواهر الأدلة من الكتاب و السنة بل الإجماع ظاهر أن الجاهل بوجوب القصر في السفر و بوجوب الجهر فيما وظيفته ذلك من الصلاة مكلف نحو سائر مقامات الجهل بالتقصير الذي هو حكم اللَّه الواقعي كما لعله إليه يرشد حكمهم بالمعذورية و مع ذلك كيف يحكم بمعذوريته مع تقصيره و بقاء الوقت و مع عدم إتيانه بالمأمور به و هذا الإشكال ما اتضح إلى الآن حقيقة رفعه على مذهب العدلية من التخطئة دون

اسم الکتاب : مطارح الأنظار المؤلف : الشيخ مرتضى الأنصاري    الجزء : 1  صفحة : 119
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست