أن القضية الشرطية في جميع هذه الموارد تستعمل في معنى واحد و ليس استعمالها في موارد ترتب العلة على المعلول أو ترتب أحد المعلولين على على الآخر مجازاً لنحتاج إلى لحاظ وجود قرينة في البين و أعمال عناية، بل انه كاستعمالها في موارد ترتب المعلول على العلة التامة على نحو الحقيقة، ضرورة أنه لا فرق بين قولنا إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود و بين قولنا إن كان النهار موجوداً فالشمس طالعة، فكما أن الأول على نحو الحقيقة، فكذلك الثاني فلا فرق بينهما من هذه الناحية أصلا. نعم يفترق الأول عن الثاني في نقطة أخرى و هي أن الترتب في الأول مطابق للواقع الموضوعي دون الثاني، فان الترتب فيه بمجرد افتراض من العقل من دون واقع موضوعي له. إلى هنا قد استطعنا أن نخرج بهذه النتيجة و هي أن القضية الشرطية موضوعة للدلالة على ترتب الجزاء على الشرط من دون الدلالة على أنه من ترتب المعلول على العلة التامة فضلا عن كونها منحصرة فالموضوع له هو الجامع بين جميع أنواع الترتب. هذا من ناحية. و من ناحية أخرى أن القضية الشرطية لا تدل على المفهوم في موارد البرهان الآني لوضوح أن غاية ما تقتضيه القضية في تلك الموا رد هو أن تحقق المقدم يستلزم تحقق التالي و يكشف عنه فيكون وسطاً للإثبات و العلم دون الثبوت و الوجود و لا تدل على امتناع وجود التالي من دون وجود المقدم، بداهة أن وجود المعلول و إن كان يكشف عن وجود العلة إلا أن عدمه لا يكشف عن عدمها لإمكان أن يكون عدمه مستنداً إلى وجود المانع لا إلى عدمها، مثلا وجود الممكن في الخارج كاشف عن وجود الواجب بالذات نظراً إلى استحالة وجوده في نفسه و لكن عدمه لا يكشف عن عدمه و لا عن عدم وجود ممكن آخر لجواز أن يكون عدمه مستنداً إلى ما يخصه من المانع.